وزير المالية الألماني يحذر من اندلاع حرب تجارية مع أمريكا
انتقدت ألمانيا السياسة الاقتصادية الأمريكية، على خلفية قانون التضخم الذي أثار حفيظة عديد من دول أوروبا، ووصفته باريس بـ”شديد العدائية”، محذرا في الوقت نفسه من اندلاع حرب تجارية بين الحلفاء.
وقال كريستيان ليندنر وزير المالية الألماني في تصريحات صحافية تنشر اليوم “الولايات المتحدة شريكنا القيم، لكن في الوقت نفسه هناك سياسة اقتصادية حمائية ضخمة”، مضيفا أنه “يتعين لذلك على الحكومة الألمانية أن تمثل المصالح الألمانية في واشنطن، وأن تشير إلى العواقب السلبية جراء هذه السياسة”.
وينص قانون مكافحة التضخم الأمريكي على استثمارات بمليارات في حماية المناخ، وترتبط الإعانات والإعفاءات الضريبية بالشركات التي تستخدم المنتجات الأمريكية أو تنتج في الولايات المتحدة. وهناك انتقادات كثيرة لهذا الأمر في أوروبا.
وذكر ليندنر أنه، على عكس الاقتصاد الفرنسي، يرتبط الاقتصاد الألماني ارتباطا وثيقا بالسوق الأمريكية، وقال “لهذا السبب لا يمكن لألمانيا أن تكون لديها أي مصلحة في حرب تجارية، لكن عليها أن تعتمد على الدبلوماسية الاقتصادية”، وفقا لـ”الألمانية”.
كما أثار الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون القضية خلال زيارته الرسمية للولايات المتحدة، وحذر من أن القانون سيوجد فوارق كبيرة لن تدفع عديد من الشركات إلى الاستثمار في أوروبا، ما يهدد بانقسام الغرب.
في المقابل، دعا ليندنر إلى اتخاذ القانون كفرصة لتحسين القدرات التنافسية، وقال “إذا نظرت إلى الأمر بوضوح فستدرك أن المتطلبات المتزايدة باستمرار من الاتحاد الأوروبي للاقتصاد فيما يتعلق بأسعار الطاقة لا تقل خطورة عن تشويه الولايات المتحدة للمنافسة”.
وأعلن روبرت هابيك وزير الاقتصاد الألماني “ردا قويا” من قبل الاتحاد الأوروبي على قانون الولايات المتحدة.
بدوره، أعرب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون عن رغبته في تسوية مسألة الإعفاءات التجارية التي يطلب الاتحاد الأوروبي من الولايات المتحدة إدراجها في خطتها الخاصة بالمناخ بحلول الربع الأول من 2023.
وقال ماكرون للصحافيين في نيو أورلينز غداة لقائه نظيره الأمريكي جو بايدن في واشنطن، “بالنسبة إلي، بحلول بداية العام المقبل، يجب أن نكون قد تمكنا من تسوية هذا الموضوع”.
وكان الرئيس الفرنسي قد عد – عشية زيارته البيت الأبيض – الإعانات الضخمة لبعض الصناعات المحلية في الولايات المتحدة “شديدة العدائية”.
وتبلغ قيمة الإجراءات الواردة في قانون الحد من التضخم الذي اقترحه بايدن وأقر في الصيف الماضي 420 مليار دولار. وسبق أن أبدت فرنسا أملها في الحصول على إعفاءات.
وأبدى الرئيس الأمريكي الخميس استعداده لتصحيح عيوب في القانون، دون أن يذكر بوضوح أي استثناءات أو تنازلات. وعد ماكرون “خطابه الصادق مع الرئيس بايدن” قد أتى بثماره.
وقال “كان من واجبي أن أقول هذا الخطاب باسم أوروبا، ليس فقط باسم فرنسا”، مشيرا إلى أن واشنطن لم تناقش القانون مع الاتحاد الأوروبي قبل سنه.
حرب تجارية مع أمريكا
وأعرب عديد من الأصوات الأوروبية عن القلق بشأن تداعيات قانون خفض التضخم الأمريكي على الصناعة الأوروبية. ومن بين القلقين تييري بروتون المفوض الأوروبي للسوق الداخلية الذي كان قد هدد في أوائل نوفمبر “بالتوجه إلى منظمة التجارة العالمية”.
وتابع ماكرون “الآن يتحدث الجميع عن الأمر، إنه أمر جيد، الهدف هو أن يكون لدى الاتحاد الأوروبي إعفاءات، ما حاولت إظهاره للرئيس بايدن، أن ذلك مفيد للولايات المتحدة الأمريكية ومفيد لنا”.
ورأى أن النقاشات تتجه نحو إقرار “إعفاءات” لمصلحة “ما تنتجه” الصناعة الأوروبية “على غرار تلك التي حصلت عليها دولتان من المنطقة، في إشارة إلى كندا والمكسيك.
واختتم ماكرون الجمعة زيارة دولية للولايات المتحدة استمرت ثلاثة أيام، بجولة في مدينة نيو أورلينز التي تشكل رمزا للعلاقات الفرنسية الأمريكية التاريخية، وروج فيها للفرنكوفونية.
وغداة استقبال حافل في البيت الأبيض، كرس صداقة الرئيس الفرنسي مع نظيره الأمريكي جو بايدن، أمضى ماكرون أقل من 24 ساعة في المدينة الواقعة قي ولاية لويزيانا في جنوب شرق البلاد.
ازدادت التوترات بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة بعد تمرير الكونجرس في الصيف خطة المناخ التي وضعها بايدن وتنص على استثمار 420 مليار دولار، جزء كبير منها في شكل إعانات وتخفيضات ضريبية ولا سيما على السيارات الكهربائية والبطاريات ومشاريع الطاقة المتجددة التي تحبذ كل ما هو مصنوع في الولايات المتحدة.
أثارت هذه الخطة غضب بروكسل والعواصم الأوروبية التي ترى في هذه الإعانات المختلفة إجراءات “تمييزية” و”مخالفة لقواعد منظمة التجارة العالمية”. وهي لهجة “هجومية” عدت أوساط الرئيس الفرنسي أنه “لا بد منها”، لأن الأمريكيين لا يدركون أن هذه الاستثمارات يمكن أن تضعف الصناعات الأوروبية.
وناقش وزراء تجارة الاتحاد الأوروبي في بروكسل الشهر الماضي، الآثار المحتملة في صناعة التكتل من حزمة الدعم الأمريكية. وحذر جوزيف سيكيلا، وزير التجارة التشيكي من أن الصين قد تكون الفائز في سباق دعم محتمل بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي.
وقال سيكيلا “إن مثل هذه المنافسة ستكون لعبة خطيرة للغاية، الفائز في السباق قد يكون في قارة أخرى، ليس في أوروبا وليس في القارة الأمريكية”.