تقييم الأثر البيئي للمشاريع الانشائية

0

تقييم الأثر البيئي للمشاريع الانشائية
د. مهندس مستشار/ مالك علي محمد دنقلا

يعد تقييم التأثير البيئي للمشاريع الانشائية نقطة بداية وانطلاق إلى تقييم متكامل يدعم أهداف التنمية المتواصلة والمستدامة للمحافظة على رأس المال الطبيعي والإنساني، مع تعزيز إستدامة الموارد الطبيعية، حيث من المعروف أن أي مشروع يتفاعل في دورة حياته مع البيئة المحيطة، ويترك آثاره عليها بصورة أو بأخرى، لذا كان من الضروري دراسة الآثار البيئية الناجمة عن انشاء المشاريع الجارية والمستقبلية، واتخاذ التدابير اللازمة لضبطها قبل الشروع في العمل، وتقييم الآثار الفعلية للمشاريع القائمة واقتراح تعديلات لتفاديها، وهو الدور الذي تؤديه دراسات تقييم الأثر البيئي، حيث توفر المعلومات المطلوبة للتأكد من تحقيق المعايير اللازمة لاستخلاص التراخيص، كما تسهم في خفض الكلفة من خلال توفير بدائل تجنب أصحاب المشروع التعامل مع الآثار السلبية، والأهم من كل ذلك الدور المحوري لهذه الدراسات في الحفاظ على البيئة، وتأكيد مسؤولية الشركات القائمة على المشاريع تجاهها.
تاريخيا لم يكن من المتعارف علي اعتماد الاعتبارات البيئية والاجتماعية كجزء من المعطيات التي يتم بناء التصميم للخطط الاقتصادية الإنمائية، إلا انه أصبح من الواضح بأن وضع الاعتبارات البيئية في الحسابات بما في ذلك تقييم الآثار البيئية للمشاريع قبل البدء في تنفيذها يعطي أبعادا جديدة لقيمة الموارد واستخدامها على أساس تحليل التكلفة والفائدة، وكيف يمكن المحافظة عليها، فضلا عما سيعود عن ذلك من فوائد اقتصادية، بالإضافة لتحقيق هدف المحافظة على البيئة.
أن تقييم الاثر البيئي اصبح ملازما لآية مشاريع انشائية يتم تطويرها في أي جزء مـن أجزاء العالم، والعديد من المؤسسات الدولية والمحلية أصبحت تشترط إجراء دراسات تقييم الأثر البيئي قبل الموافقة النهائية على تمويل أو تنفيذ المشاريع ، ومن هنا فإن تطور منهجيات تقييم الأثر البيئي يعتبر أساسيا حتى تتوائم مع التطور الصناعي والتجاري، وحتى تتوافق مـع متطلبـات حماية البيئة.
وتهدف عملية تقييم الأثار البيئية والاجتماعية المحتملة والمقترحة لمشروع معين الي تحديد الخيارات المحتملة لتقليل الأضرار البيئية والاجتماعية قدر الإمكان حيث توفر هذه العملية فرصة لتحديد القضايا البيئية والإجتماعية المهمة فى وقت مبكر من مرحلة الاقتراح بهدف معالجة الأشياء السلبية المتوقع حدوثها قبل إتخاذ القرارات النهائية للمشروع.
وتتكون عملية تقييم الآثار البيئية المحتملة للمشروعات الجاري التخطيط لها من (تخمين أو تقدير) للآثار البيئية المحتمل حدوثها نتيجة لتنفيذ هذه المشروعات على أرض الواقع، وغالبا ما يتم ذلك في إطار دراسات الجدوى الاقتصادية والفنية للمساعدة على اتخاذ القرار المناسب، واختيار أفضل البدائل المطروحة لتنفيذ هذا المشروع، وتختلف تفاصيل عملية التقييم البيئي طبقا لنوع المشروع وحجمه.
وتتضمن عملية تقييم الأثر البيئى جمع وتحليل جميع المعلومات والبيانات ذات الصلة بالمشروع المقترح بحيث يمكن استنتاج الآثار المتوقعة عند تنفيذ هذا المشروع فى منطقة بعينها، وإذا كان تنفيذ هذا المشروع حتمياً أو ضرورياً فما هى المعايير اللازمة للتخفيف من الآثار البيئية، وإيجاد البدائل الممكنة لكى يحقق هذا المشروع تنمية مستدامة ويحافظ على بيئة آمنة وسليمة.
الأثر البيئي
عرف الأثر البيئي على أنه تغيير طبيعي، أو كيميائي، أو بيولوجي، أو ثقافي، أو اجتماعي، أو اقتصادي، على النظام البيئي نتيجة للأنشطة الخاصة بالمشروع، كما يمكن تعريف الأثر البيئي بأنه قياس لمدى التغيير الحاصل في إحدى عناصر البيئة نتيجة لأحد أنشطة الإنسان وخلال فترة زمنية محددة وذلك مقارنة بالوضع في حالة لو لم يتم تنفيذ ذلك النشاط، وتكون هذه المقارنة مع الوضع البيئي المستقبلي وليس على الوضع الحالي، وهذا يحتاج إلى إجراء توقع وتنبؤ باستخدام أحد الأساليب المناسبة المستقبلية تحت الظروف الطبيعية، وبدون تأثير المشروع أو النشاط.
وتختلف الآثار البيئية من حيث الكم والكيف، والنوع، والزمان والمكان، ومدى تأثيرها على البيئة، ودرجة تقبلها من المجتمع، كما ان الآثار البيئية قد تكون مباشرة أو غير مباشرة ، وقد تتفاعل معا لتحدث آثاراً ثانوية قد تكون أخطر من الأثر الأولي والمباشر، ويمكن أن تكون الآثار سلبية أو إيجابية، وأحيانا حيادية، وقد تكون قصيرة المدى أو بعيدة المدى، أاو تكون منعكسة أو غير منعكسة، أو تكون محلية، أو إقليمية، أو عالمية ، كما تختلف الآثار البيئية من حيث أهميتها حسب مقدار الأضرار التي يمكن ان تنجم عنها.
دراسة الأثر البيئي
هو دراسة تنبؤية لمشروعات أو نشاطات تنموية ذات تأثير بيئي محتمل لتحديد البدائل المتاحة، وتقييم تأثيرها البيئي والاجتماعي، واختيار أفضل البدائل ذات التأثيرات البيئية الأقل سلبية، واقتراح وسائل التخفيف (الحد من التأثيرات السلبية)، وأيضا هو الدراسة التي يتم إجراؤها لتحديد الآثار البيئية المحتملة، أو الناجمة عن المشروع، والإجراءات والوسائل المناسبة لمنع الآثار السلبية، أو الحد منها، وتحقيق أو زيادة المردودات الايجابية للمشروع على البيئة بما يتوافق مع المقاييس البيئية المعمول بها.
البيئة والتقييم البيئي
تشمل البيئة الموارد الطبيعية، والظروف الإجتماعية، والثقافية، والإقتصادية، والظروف المؤسسية التي يتم فيها إتخاذ القرارات، والأبعاد البيئة بتعريفها الشامل تشمل المجتمع، والثقافة، و أبعاد بشرية.
ويشمل علم البيئة الأنواع المختلفة من الكائنات الحية، والسكان، والموائل الطبيعية، والمجتمعات، والنظم البيئية، وطبيعة الأرض، والهواء، والماء، والكائنات الحية، والغلاف الجوي ، وأنماط الحياة البيئة، وكل ما يحيط بالكائنات الحية ويـؤثر فيهـا بطريقـة او بـأخرى، بما في ذلك النباتات، والحيوانات المدجنة والبرية ، كما تضم الظروف الاقتصادية والاجتماعية، بالإضافة الى الأماكن ذات القيمة التاريخية أو الأثريـة او الثقافية او الجمالية .
أما تقييم الأثر البيئي (Environmental Impact Assessment) فله العديد من التعريفات منها أنّه عملية التحليل المُسبق لتقدير الآثار البيئية المحتملة لمشروع ما خلال كل مرحلة من مراحله، بدءاً من إنشائه، ومروراً بمرحلة تشغيله، وحتّى إنهائه، وذلك لاقتراح التدابير اللازمة لتجنّب أو تخفيف الآثار البيئية الضارة، وتعزيز الآثار الإيجابية، إلى جانب وضع طريقة منهجية لدمج الاعتبارات البيئية المستدامة في عملية صنع القرار، وتوفير العناصر الأساسية لاتّخاذ قرار مبني على المعرفة، ويتمّ من خلال هذه العملية إرفاق خطة إدارة بيئية هدفها تحديد كيفية تنفيذ ومراقبة تلك التدابير، وغالباً ما يتمّ تطبيق تقييم الأثر البيئي على المشاريع ذات الآثار البيئية السلبية الكبيرة المحتملة.
وهو أيضا دراسة الآثار البيئية للمشاريع والخطط والبرامج، حسب شروط مرجعية تم اعتمادها لهذا الخصوص من قبل جهات رسمية، وكذلك دراسة كل تغيير سلبي أو إيجـابي يؤثر على البيئة نتيجة ممارسة أي نشاط تطويري، ويعرف ايضاً على أنـه عمليـة منظمـة لتحديد وتوقع وتقييم الآثار البيئية للأعمال والمشاريع المقترحة.
كما أن تقييم الآثار البيئية هو الفحص المنظم للآثار غير المتعمدة التي تنجم عن مشروع أو برنامج تنموي وذلك بهدف تقليص أو تخفيف حدة الآثار السلبية وتعظيم الآثار الإيجابية، وأن البيئة بمفهومهـا الواسـع الذي تشمل التأثيرات الثقافية، والاجتماعية، والصحية وغيرها، تعتبر جزءاً مكملاً لتقييم الأثـر.
وتعرف عملية تقييم الأثر أيضا بأنها عملية تنظيمية يتم من خلالها تحديد وتقييم جميع الآثار البيئية المتوقعة لأية مشروعات مقترحة، خطط، برامج، أو تشريعات، أو إجراءات قانونية ذات علاقة بأحد عناصر البيئة المختلفة من عناصر طبيعية – كيميائية ، حيوية، حضارية أو اجتماعية ، اقتصادية.
كما يعرف بأنه عبارة عن تدريب على ما سينفذ قبل أي مشروع، أو للأنشطة الرئيسية، أو لما سيتم التعهد به للتأكيد على أنه لا يمكن بأي وسيلة الإضرار بالبيئة على المدى القصير أو الطويل، لذلك فهو العملية التي يتم من خلالها التنبؤ، ووصف التأثيرات البيئية الناتجة عن أحد النشاطات.
وبالتالي يعد التقييم البيئي هو دراسة تنبؤية لمشروعات أو نشاطات تنموية ذات تأثير بيئي محتمل لتحديد البدائل المتاحة، وتقييم تأثيرها البيئي، واختيار أفضل البدائل ذات التأثيرات البيئية الاقل سلبية، واقتراح وسائل التخفيف من التأثيرات السلبية، أيضا هو الدراسة التي يتم أجراؤها لتحديد الآثار البيئية المحتملة، أو الناجمة عن المشروع، والإجراءات والوسائل المناسبة لمنع الآثار السلبية أو الحد منها.
من هنا نجد ان المطالبة للمنشآت الجديدة بتقييم التأثير البيئي للمشروع، و تطوير برامج التنمية ليس بغرض منعها أو إعاقتها ولكن محاولة التعرف على الأثار السلبية والإيجابية للمشروع، والعمل على تعظيم الأثار الإيجابية، والإقلال إلى أدنى حد ممكن أو تجنب الأثار السلبية، كما أنه وسيلة يتم إجراؤها لتحديد الآثار البيئية المحتملة، أو الناجمة عن المشروع والإجراءات والوسائل المناسبة لمنع الآثار السلبية أو الحد منها، وتحقيق أو زيادة المردودات الايجابية للمشروع على البيئة بما يتوافق مع المقاييس البيئية المعمول بها.
الغرض من تقييم الاثار البيئية
إن الغرض من تطبيق عملية تقييم الأثر البيئى هو حماية البيئة والموارد الطبيعية، والحفاظ عليها بما في ذلك الجوانب المرتبطة بصحة الإنسان، والتأكد من أن أية أنشطة أو برامج، أو خطط تنمية مقترحة تكون صالحة بيئياً ، وتضمن الاستدامة، وتعتبر هذه العملية أحد أدوات التخطيط حيث تستخدم لتوقع وتحليل وبلورة التأثيرات البيئية الهامة لأى مقترح، ولتوفير البيانات والمعلومات التى تكون ذات أهمية فى مرحلة اتخاذ القرار، وبالإضافة إلى أن عملية تقييم الأثر البيئى للمشروعات يمكنها أن تقلل الآثار السلبية والعكسية على البيئة، فإنها تساعد فى توظيف واستغلال الموارد بطريقة فعالة ومستدامة، وتعظيم فوائد مشروعات التنمية المقترحة، اضافة الي حماية البيئة والموارد الطبيعية والحفاظ عليها بما في ذلك الجوانب المرتبطة بصحة الإنسان، لذا لا ينبغي ان تستخدم دراسة تقييم الأثر البيئي للحصول علي الموافقة البيئية فقط، ولكن يتعين علي صاحب المشروع أن يستخدمها كأداة لإدارة التخطيط السليم للمشروع.

0
Would love your thoughts, please comment.x
()
x