تقييم الأثر البيئي للمشاريع الإنشائية
تقييم الأثر البيئي للمشاريع الإنشائية
د. مهندس مستشار/ مالك علي محمد دنقلا
الأثر الاجتماعي
تناولنا في المقالين السابقين أهمية تقييم الأثر البيئي لأي مشروعات انشائية، وقد أوضحنا أن المشاريع الإنشائية تخلق تغييراً في المكان، وفي طبيعة حياة المحيطين بها، لهذا فإن إشراك الجمهور في عملية التقييم أمر ضروري للتخفيف من قلقهم، وزيادة اهتمامهم بهذه المشاريع؛ حتى تصبح مقبولة لديهم بشكل لا يخلق ردة فعل قد تؤدي إلى وقف المشاريع، أو التأخير في إتمام عمليات إقامتها، خاصة وأن عدم إعلام الجمهور بطبيعة هذه المشاريع، وببعض مكوناتها، وبالمعلومات الفنية التي قد تكون ذات قيمة، يؤثر سلباً على هذه المشاريع، في الوقت الذي يشكل إبلاغ الجمهور بطبيعة هذا المشروع وسيلة جيدة تمكن القائمين عليه مـن الحصول على معلومات واقتراحات إدارية مهمة ومفيدة تساهم في تطور المشـروع، وتلفـت الانتباه بعد ذلك إلى الأداء، كما أمه بإمكان القائمين على المشروع أيضاً تطمين القريبين من موقعه بخلق فرص عمل تؤمن لهم دخلاً مادياً؛ مما يعطيهم دفعة نفسية في مراقبة عمل المشروع، والمساهمة فـي التخفيف من آثاره السلبية، وتقوية الآثار الإيجابية.
وفي المجتمعات الديموقراطية يتوقع الناس استشارتهم، وفي حال عدم استشارتهم يمكن أن يخلق هذا مشاكل للحكومة وللمستثمرين، حيث إن المشاركة الجماهيرية بالنسبة لهم تعني من الناحية العامة أنهم يؤثرون في القرار في مشاريع تخصهم، ومن ناحية المشروع تشكل قـرارات أفضـل حوله، وتؤدي إلى تحسين عمل المشروع، وتفعيل دور الجمهور في ذلك.
وهناك ثلاثة أسباب رئيسية تجعل الجمهور يشارك، وهي:
1. أسباب عملية: حيث إن المشاركة تساهم في تحسين المشروع ونوعيته، خاصة من حيث التصـميم.
2. أسباب أدبية: حيث تعني أن المجتمعات تتمتع بحرية الآراء، وإبداء الرأي في أي مجال يريدون.
3. أسباب عقلانية: وهي أن المتبرعين يطلبون مشاركة الجمهور.
تعريف الأثر الاجتماعي:
يقصد بالأثر الاجتماعي: دراسة العواقب على الإنسان نتيجة أي مشروع مقترح يغير حياة الإنسان، وعمله، والعلاقة بين الأشخاص، وتنظيم أنفسهم، والتعامل بين الأفراد منفردين أو مع المجتمع، ويتضمن ذلك التغيرات المحتملة للكثافة السكانية، وطريقة العيش والحياة، والعادات، وفاعليات المجتمع، وجودة الحياة.
ويرى البعض أن التأثيرات الاجتماعية ذات طابع محدود في علاقتها بتغيرات البيئية، ولكن تلك التأثيرات يكون لها أهمية، خصوصًا في الدول النامية، حيث يوجد عدد كبير من الناس يعتمدون على المصدر الأساسي للبقاء والمعيشة، وفي حالات أخرى، بمجرد طلب تقييم التأثير البيئي لمشروع مقترح، فإن التأثيرات على البيئة البشرية تؤخذ في الاعتبار.
أهمية تقييم الأثر الاجتماعي:
تنبع أهمية تقييم الأثر الاجتماعي من فهم وتوقع العواقب الاجتماعية على السكان والمجتمعات المحلية في المرحلة المبكرة، من تخطيط وتصميم المشروع؛ لتجنب النزاعات طويلة الأمد بين المجتمعات المحلية وأصحاب المشاريع في المدى الطويل، ولإيجاد طرق ووسائل للحد من التأثيرات السلبية للمشاريع لتناسب البيئة المحلية مثل الحماية الاجتماعية والثقافية وسبل العيش.
فوائد عمل تقييم الأثر الاجتماعي:
– تقليل التكلفة، فإجراءات التخفيف في مرحلة مبكرة تساعد على تجنب أخطاء التكاليف، وأعمال المعالجة.
– تحسين العلاقات بين المجتمع والمعنيين، مما يساعد على تهدئة القلق والخوف، ويبنى أساساً من الثقة والتعاون لتقييم وإدارة المشروع بنجاح.
– تخفيض التأثير على المجتمعات والأفراد بتحديد وسائل التخفيف.
– تعزيز الفوائد للمتضررين.
– كسب الموافقة على التنمية، وذلك بسرعة عمل تقييم أثر اجتماعي واضح.
– الهدف من المشاريع هو خدمة الجمهور، وأن الجمهور أقدر على تلمس حاجاته.
– تحسين المشروعات المقترحة يعطى معلومات يمكن من خلالها زيادة القيمة المضافة للمشروعات الحالية، وتساعد على تخطيط مشاريع مستقبلية.
– التأكد من أن المشروع يجلب أقصى الفوائد الاقتصادية والاجتماعية.
– الاهتمام باطلاع الأطراف التـي يعتقـد أنهـا مؤثرة في المشروع، وعرض وجهات النظر والاهتمامات والقيم.
– الحصول على المعرفة المحلية، وزيادة الثقة العامة بالمشروع.
– امتلاك شفافية ومساءلة أفضل في عملية صـنع القرار، وألا تكون متداخلة ومتضاربة مع الهدف الأساسي للمشروع.
تقييم الأثر الاجتماعي في مراحل المشروع المختلفة:
أولاً: مرحلة التخطيط وتبدأ بالإعلان عن المشروع.
ثانياً: مرحلة الإنشاء والتنفيذ وتشكل توتر في البنية الأساسية للمجتمع.
ثالثاً: مرحلة التشغيل والصيانة وتستمر لسنوات.
رابعاً: مرحلة الإغلاق ولها تأثير اجتماعي مميز.
الخصائص الرئيسية والمتغيرات المرتبطة بالتأثيرات الاجتماعية للمشروعات المقترحة:
1. التغير الاقتصادي.
2. التغير السكاني.
3. التغير المؤسسي.
4. التغير البيئي.
أساليب المشاركة الجماهيرية:
هناك عدة أساليب ووسائل يمكن من خلالها إشراك الجمهور، وهي كالتالي:
1. الإعلام: حيث يتم إعلام الجمهور بنية إقامة المشروع، وبأهميته، وذلك عن طريق: الملصقات، النشرات التوضـيحية، ورش عمـل، مـؤتمرات جماهيريـة، واستخدام التلفزيون والراديو إذا كان المشروع يتعلق بالبنية التحتية للدولة، أو تلفزيـون أو راديـو محلي إذا كان الأمر يتعلق بمشروع محلي.
2. المقابلات الشخصية، وأسلوب الاستمارة، أو الاستبانة، إضافة إلى اللقاءات الجماهيرية، وتشكيل لجان عمل جماهيرية تراقب سير المشروع، وهذا يوفر للجمهور المشاركة فـي اتخـاذ القرار والمسؤوليات.
3. العمل من خلال المؤسسات العامة والخاصة المهتمة بالموضوع البيئي، وكذلك خلق أطـر مؤسساتية تعمل على التوضيح للعامة أهداف وطبيعة المشروع مثل الأندية البيئية.
واستناداً إلى ما ذكر، فإن المشاركة الجماهيرية هي أداة لتقييم وتقـويم عمل المشاريع، وتحسين أدائها، واستمرار عملها، مع المحافظة على جودة البيئة، والتخفيف مـن الآثار السلبية الناجمة.
برنامج المشاركة المجتمعية:
يتضمن تطوير برنامج المشاركة المجتمعية التالي:
1. توفير المعلومات اللازمة بصورة كافية.
2. إتاحة فترة زمنية كافية للقراءة والمناقشة.
3. إتاحة فترة زمنية كافية لاستعراض الآراء.
4. توفير الفرص المناسبة، والوسائل لمشاركة جميع الأطراف.
5. توفير الردود على المسائل/ المشكلات المثارة.
العوامل المؤثرة في فعالية المشاركة الجماهيرية:
من العوامل المؤثرة في فعالية المشاركة المجتمعية: الفقر، الأوضاع الريفية، الأمية، القيم الثقافية والجمالية، اللغات، النظم التشريعية الغالبة على النظم التقليدية، سيطرة الجماعـات المهتمة، ودرجة سرية المشروع.
توصيات المشاركة المجتمعية:
1. يجب أن تكون مستويات المشاركة المجتمعية قائمة على مبدأ التشاور، وإتاحة الفـرص لتبادل المعلومات، وقائمة أيضاً على المشاركة والمناقشة وجهاً لوجه.
2. التفـاوض، والتفاعل، والاطلاع، وأن يكون الاهتمام بتدفق المعلومات من المستثمر إلى الجمهور.
3. الأطراف التي يجب أن تكون لها دور ومؤثرة فـي المشـاركة الجماهيريـة، الأفـراد المحليين المتأثرين بالمشروع، والمؤيدون والمنتفعـون منـه، والوكـالات الحكوميـة، والمنظمات غير الحكومية، والمانحين، والقطاع الخاص، والأكاديميين.
4. يجب أن تكون المشاركة المجتمعية مفهومـة وواضحة الخطوات، وتركز على المشاكل الرئيسية في المشـروع، وأن تكـون غيـر متحيزة، ومتجاوبة مع متطلبات جميع الأطراف، ومدخلات المشروع، وذات قيمة ومبنية على الثقة.
5. فيما يتعلق بمراحل المشاركة المجتمعية لتقييم الآثار فلا بد أن تكون معتمدة في كل المراحل السابقة لاعتماد الموافقة، وهي مراحل الفحص، ودراسة النطاق، وتحليل المعلومات، وفي مرحلة التنفيذ، والرصد، والمتابعة ما بعد إعطاء الموافقة.
6. إتاحة الفرصة لتطبيق تقنية ناجحة للمشاركة المجتمعية من حيث إتاحـة فتـرة زمنيـة للمناقشة، واستعراض الآراء، وكذلك توفير المعلومات اللازمة بصـورة كافيـة، وإتاحـة الفرصة لمشاركة كافة الأطراف، وتوفير الردود لكـل المشـكلات المثـارة، واختيار الأوقات، والأماكن المناسبة لتنظيم المشاركة، مع الاعتبار للتعليقات العامة.
7. يجب الاهتمام بالعوامل المؤثرة، أو الأكثر تأثيراً على فعالية المشاركة المجتمعية، وهـي: الأمية، والفقر، والأوضاع العامة، والقيم الثقافية والمحلية، والنظم التشريعية الغالبة على النظم التقليدية، وسيطرة الجماعات المهتمة.
8. فتح قنوات اتصال، ووصف المشروع وأهدافه، والاسـتماع الـى اهتمامات ومصالح الأشخاص المتأثرين، وأن تتم المعاملة بأمانـة واخـلاص، وأن يـتم الاهتمـام بالتخفيف من الآثار، والتعويض عن الأضرار، والعمل على إمداد الأطراف المشاركة بالنتائج.