تقييم الأثر البيئي للمشاريع الإنشائية

0

تقييم الأثر البيئي للمشاريع الإنشائية
د. مهندس مستشار/ مالك علي محمد دنقلا

مراحل تقييم الأثر البيئي

تناولت في المقالات الثلاث السابقة عملية تقييم الأثر البيئي للمشاريع الانشائية و ركزت في المقال السابق علي أهمية المشاركة المجتمعية في عمليات تقييم الأثر البيئي و كما هو معلوم قد تختلف التشريعات والممارسات حول العالم بما يخصّ عملية تقييم الأثر البيئي، إلّا أنّ هناك مراحل أساسية لها، وهي:
الفحص: يتمّ في هذه المرحلة تحديد المشاريع التي تتطلّب دراسة تقييم الأثر البيئي، واتّخاذ قرار بتنفيذ التقييم على أساس التشريعات الوطنية، وطبيعة المشروع، وحساسية البيئة، والفرز لتحديد المشاريع، أو التطورات التي تتطلب دراسة تقييم الأثر الكامل أو الجزئي.
تحديد النطاق: تحديد نطاق لتحديد الآثار المحتملة ذات الصلة بالتقييم (بناءً على المتطلبات التشريعية، والاتفاقيات الدولية، ومعرفة الخبراء، والمعرفة المتخصّصة، والمشاركة العامة)، لتحديد الحلول البديلة التي تقدّم تعويضات، وتتجنب، أو تخفف، أو تعوض الآثار السلبية على التنوع البيولوجي (بما في ذلك خيار عدم المضي في التنمية، ومن هذه الحلول إيجاد تصميمات، أو مواقع بديلة تتجنب التأثيرات، ودمج الضمانات في تصميم المشروع، أو تقديم تعويض عن الآثار السلبية)، وأخيراً اشتقاق الشروط المرجعية لتقييم الأثار، ثمّ تحديد اختصاص، أو مجال تقييم الأثر البيئي.
التقييم: وتطوير البدائل، للتنبؤ بالتأثيرات البيئية المحتملة، وتحديدها لمشروع أو تطوير مقترح، بما في ذلك التفصيل للبدائل حيث يتمّ تقييم التأثيرات البيئية للمشروع أو التطوير المقترح، ثمّ تقديم تفاصيل للبدائل.
تقديم التقرير :هو تقرير تقييم، أو بيان الأثر البيئي، ويشمل خطّة الإدارة البيئية، وملخّص بسيط وواضح للعامة، للإبلاغ عن بيان التأثير البيئي، وتقرير تقييم الأثر البيئي، بما في ذلك خطة الإدارة البيئية.
المراجعة: مراجعة بيان الأثر البيئي على أساس المشاركة العامة، والاختصاصات والنطاقات التي حُدِّدت (تحديد النطاق).
اتّخاذ القرار: اتّخاذ قرار بشأن الموافقة على المشروع، أو رفضه، وتحديد الشروط التي تتضمنها الموافقة.
المراقبة والامتثال والإنفاذ والتدقيق البيئي: تتمّ في هذه المرحلة مراقبة ما إذا كانت الآثار المتوقّعة، وتدابير التخفيف المقترحة تسير وفق خطّة الإدارة البيئية، مع مراعاة التحقّق من مدى الالتزام بالخطة لمعالجة الآثار غير المتوقّعة، والتدابير غير الناجحة، ومعالجتها في الوقت المناسب .
منهجيات تقييم الأثر البيئي
ترتبط عملية تقييم الأثر البيئي، ومجموعة الدراسات التي ستُنفّذ من أجل وضع توقّعات بشأن الآثار البيئية ارتباطاً مباشراً بحجم المشروع، ومدى حساسية المنطقة التي سيُقام فيها، إذ يزوّد تقييم الأثر البيئي صانعي القرار والسكّان بجميع البيانات التحليلية اللّازمة لتوعيتهم، كما يحدّد العوامل المهمّة التي ستُدرَس، وللحصول على أفكار منطقية عند دراسة هذه العوامل الرئيسية لا بدّ من اتّباع بعض المنهجيات والإرشادات، وعلى الرغم من أنّ اتّباع هذه المنهجيات لا يكون ضرورياً في المشاريع الصغيرة التي قد يكون فيها المنطق العام والخبرة الجيدة في ممارسة تقييم الأثر البيئي كافية، إلّا أنّها ضرورية في المشاريع الكبيرة، كتلك التي تتضمّن التنمية المتكاملة للغابات.
وهناك عدّة طرق ومنهجيات متاحة لتقييم الأثر البيئي، ومنها:
1- طريقة القائمة المرجعية: تستخدم طريقة القائمة المرجعية، على نطاق واسع في البلدان النامية، بينما تستخدم طريقة نمط تقييم الأثر البيئي في البلدان المتقدّمة، ويقوم مبدأ هاتين الطريقتين على تحديد نظام، أو إطار مرجعي للقائمين على عملية تقييم الأثر البيئي، حتى لا يتمّ تجاوز أي عامل هامّ، وتعدّ هذه الطريقة كافية للمشاريع الصغيرة، ولكنّها لا تأخذ بعين الاعتبار جميع الحالات الخاصّة التي يمكن مواجهتها أثناء تقييم الأثر البيئي، ويمكن الجمع بين هذه الأساليب والإرشادات البيئية، وتوفير قوائم مرجعية للقطاعات المختلفة، مثل: القطاعات الصناعية، والزراعية، كما يمكن استخدامها لأنواع مختلفة من المناطق المتأثّرة، كالأراضي الرطبة، والغابات الاستوائية، والمناطق الساحلية.
طريقة المصفوفة : تعدّ مصفوفة ليو بولد أفضل مصفوفة لتقييم تأثير مشروع ما على البيئة، وهي عبارة عن مصفوفة ثنائية الأبعاد، إذ تُحدّد الأنشطة المرتبطة بالمشروع على أحد المحاور، والتي من المفترض أن يكون لها تأثير على الإنسان والبيئة، مثل: إنتاج المواد الخام، وتشييد المباني، وإمدادات المياه والطاقة، والانبعاثات الغازية، والضوضاء، ومعالجة النفايات، وغيرها، في حين يشمل المحور الآخر الظروف البيئية والاجتماعية التي يمكن أن تتأثّر بالمشروع، إذ تنقسم هذه الظروف إلى ثلاث مجموعات رئيسية، هي: الظروف المادية: مثل: التربة، والمياه، والهواء. الظروف البيولوجية: مثل: الحيوانات، والنباتات، والنظم البيئية. الظروف الاجتماعية والثقافية: مثل: استخدام الأراضي، والقضايا التاريخية والثقافية، والسكان، والاقتصاد.
بعد إنشاء المصفوفة يقدّم تقييم الأثر البيئي وصفاً دقيقاً لكلّ عامل هامّ فيها، ويجب الانتباه إلى الأعمدة والصفوف التي تحتوي قيماً عددية كبيرة، إذ إنّها توضّح الأنشطة أو العناصر ذات التأثير الكبير على البيئة، وتقترح مصفوفة ليو بولد إطار عمل منهجي.
مكونات دراسة تقييم التأثير البيئي
من طبيعة المشاريع الإنشائية أن يكون لها أثر بيئي يتأثر لها سلبا أو إيجابا، و من هنا جاءت الدراسات لتقييم الأثر البيئي لكل مشروع قبل تنفيذه، وغالبا ما يتم تقييم الآثار من خلال دراسة القوانين واللوائح، والضمانات ذات الصلة وذلك عن طريق مقارنة الآثار مع البيانات الأساسية لبيئة المشروع؛ وكذلك مراجعة الدراسات الأخرى المشابهة؛ بالإضافة إلى تطبيق الخبرة العملية في مجال التقييم البيئي والإدارة البيئية.
وعادة ما تقوم الجهة المقترحة أو الراعية للمشروع بعمل تقييم الأثر البيئي لهذا المشروع، وقد تتواجد المتطلبات الأساسية للقيام بعملية تقييم الأثر البيئي إما في قانون، أو تشريع، أو طرق إرشادية، أو أية إجراءات أخرى حسب الجهات المشتركة في المشروع المقترح، وفى بعض الأحيان يجب أن تلتزم الجهة المقترحة للمشروع بأكثر من أحد هذه المتطلبات الأساسية عند القيام بتقييم الأثر البيئي للمشروع وفى هذه الحالة فإن الحاجة إلى التخطيط الجيد للمشروعات يصبح ذو أهمية ملحة وكبيرة.

ويقوم فى الغالب بعملية تقييم الأثر البيئي فريق عمل معين ومحدد لهذا الغرض ويكون هذا الفريق متكاملا من حيث خبرات عملية واقتصادية واجتماعية، ويعمل على أساس منتظم فيجتمعون لوضع خطة منظمة للقيام بهذه الدراسة الخاصة بتقييم الأثر البيئي، ويلعب رئيس فريق العمل (يسمى عادة رئيس مشروع تقييم الأثر البيئي) دوراً هاماً وأساسياً في نجاح هذه العملية وتحقيقها للنتائج الفعالة.
 
ولا تتم عملية تقييم الأثر البيئي لكل المشروعات حيث أنه في بعض الأحيان لا يكون من الضروري القيام بهذه العملية، وتوجد أنظمة مختلفة كل منها له طريقته الخاصة في تحديد، واختيار، وفحص، وإقرار أياً من المشروعات المقترحة يكون له آثاراً هامة وواضحة على البيئة و بالتالي يكون من الضروري عمل تقييم الآثار البيئية. وتوجد بعض الأنظمة التي تخصص وتصنف من البداية قوائم محددة للمشروعات، والمناطق التي يجب عمل تقييم للآثار البيئية لها، وهناك أنظمة أخرى تبنى حكمها وتقييمها الأولى لأهمية وتأثير المشروع المقترح بالنسبة للبيئة على أساس أمور عدة مثل نوع المشروع، وحجمه، وتكاليفه، ومدى الحساسية البيئية، وتأثير المجتمع بالنسبة لمشروعات التنمية.
وتعتمد المكونات الأساسية، والمراحل، والمسئوليات المختلفة لعملية تقييم الأثر البيئي على المتطلبات والاشتراطات المختلفة للدول، أو الجهات الممولة، ومع ذلك فإن معظم عمليات تقييم الأثر البيئي لها نفس الهيكل.
وقد أخذ التقييم البيئي في الاعتبار الآثار على الجوانب الرئيسية التالية:
الجوانب الفيز وكيميائية: الأرض والتربة والمياه والهواء، وما إلى ذلك.
الجوانب البيولوجية: الموائل والنباتات والحيوانات وما إلى ذلك.
الجوانب الاجتماعية والاقتصادية: الصحة والسلامة العامة، وخدمات البنية الأساسية، وما إلى ذلك.

0
Would love your thoughts, please comment.x
()
x