تقييم الأثر البيئي للمشاريع الإنشائية

0

تقييم الأثر البيئي للمشاريع الإنشائية
د. مهندس مستشار/ مالك علي محمد دنقلا

النتائج والتوصيات

تناولنا في المقالات الخمس السابقة العوامل التي توثر علي تقييم الأثر البيئي للمشاريع الانشائية و منهجية تقييم الأثر البيئي و بما ان الخطر الحالي يتمثل في إتباع نفس أساليب التنمية السابقة والتي تعتمد على رفع معدلات النمو إلى أقصى حد بدون اعتبار للبعد البيئي و الاجتماعي، ولقد كانت آثار مثل هذه السياسات واضحة بالنسبة للبلدان الصناعية، ولكنها أكثر وضوحا في بلادنا العربية بسبب انخفاض مستوى الأداء الاقتصادي، والاستغلال المفرط للموارد ، لذا فإن الخيار الذي لا بد من إتباعه لتحقيق تنمية إقليمية مستدامة هو دمج البعد البيئي في التخطيط الإنمائي، بمعنى آخر، يجب اعتماد التنمية المستدامة كنهج مختلف عن مجرد النمو، وهذا يعني تعزيز قدرة المنطقة على استخدام نموها وجعله جزءا من هيكلها، وبوضوح أكثر يعني الاحتفاظ بجزء مهم من فائض النمو الاقتصادي، وإعادة تشغيله فيها، على أن يرافق ذلك دمج البعد البيئي في الخطط الإنمائية.
 
و بدراسة الواقع نجد ان أن المعرفة للبيئة المحلية على مستوى منطقتنا محدودة لنقص المعلومات الدقيقة، والتقييم الشامل لها، وإن توفرت بعض المعلومات فإن السلطات المعنية تعاملها وكأنها معلومات سرية ولا يسمح في كثير من الأحيان بتبادلها مع الجهات المختلفة، وهذا يحرم المنطقة العربية من قدرة التخطيط السليم على المستوى الإقليمي، وخاصة في مجال المياه والطاقة وإدارة الأراضي.
لذا تستلزم حماية البيئة في المنطقة العربية القيام بعدة مهام أساسية لا غنى عنها جميعا لتحقيق الهدف المنشود وهي :
أ- الاهتمام بالوعي البيئي
ينبغي رفع مستوى الوعي البيئي لدى السكان لتفادي مخاطر الجهل بأهمية  الحفاظ على البيئة، ومواجهة حالات التلوث، ويتم ذلك عن طريق إدخال حماية البيئة ضمن برامج التعليم في المدارس والجامعات، واستخدام أجهزة الإعلام العصرية واسعة الانتشار ، ومن أهمها التلفاز، وكذلك تقديم المعلومات لرجال الأعمال عن التقنية السلمية بيئيا ومزاياها .
ب- إعداد الفنيين الأكفاء
يجب إعداد الفنيين الأكفاء في مجالات علوم البيئة بالقدر الكافي للعمل على حماية البيئة ووقايتها من كل أنواع التلوث وذلك في مجالي التخطيط والتنفيذ على السواء حتى تكون حماية البيئة من عناصر دراسة الجدوى بالنسبة للمشروعات المراد إقامتها، ومن أهم ضبط السلوك البشري في المجالات التنفيذية، وفي حياة الناس وعاداتهم بصفة عامة .
ج- إعداد وتطبيق القوانين اللازمة
يلزم سن القوانين اللازمة لحماية البيئة من الاعتداءات التي يمكن أن تقع على أي عنصر من عناصرها ، والقوانين الأكثر فعالية هي تلك التي تقي من التلوث وتحول دون وقوعه ، فموضوع العقوبات الرادعة على مخالفات البيئة ليس بقصد معاقبة المعتدين بقدر ما هو منع الآخرين من الاعتداء على البيئة خشية العقاب، ونلاحظ انه من خلال دراسة منهجيات تقييم الآثار البيئية وتطور إجراءات التقيـيم البيئـي والذي ارتبط تاريخيا بانتشار الأخطار، والآثار البيئية الناجمة عن مخلفات النهضة الصـناعية وخاصة الكيميائية والنووية، وكذلك المخلفات الصلبة، والسائلة ، والغـازات، أن تقيـيم الأثـر البيئي أصبح ضرورياً من أجل حماية البيئة في مراحل المشاريع المختلفـة والتـي تشـمل التخطيط، والتصميم، والتنفيذ.
النتائج والتوصيات العامة
إن عملية استهداف تقييم الأثر البيئي تتوافق مع التخفيف من الآثـار الضـارة والسلبية الناجمة عن تزايد اعتماد البشرية على الثورة الصناعية والتي سببت تلوثـا ضـخماً، حيث أصبحت البيئة غير قادرة على استيعابه متذرعين بالتزايد السكاني بأنـه يجـب زيـادة الاعتماد على الناحية الصناعية والزراعية، وتسريع عمليات الإنتاج حتى يتم تـوفير الاكتفاء لبني البشر غير مبالين بالأضرار الناجمة عن الاستخدام المفرط للمبيدات والأسمدة الكيماويـة، وعن التلوث الذي تنتجه الثورة الصناعية على صحة الكائنات الحية بما فيها الإنسان
لهذا نوصي بما يلي:
1 – اعتماد تطبيق أساليب جديدة في التقييم على أسس تتوافق مع الظروف البيئية، والاقتصادية، والاجتماعية، والسياسية السائدة في المنطقة، مـع التمثيـل المناسـب للمجتمـع المحلـي والمؤسسات.
2- وضع آلية ومعايير مهنية يتم من خلالها ترخيص المكاتب الاستشارية العاملة في مجـال تقييم الآثار البيئية، مثلا إلزامها بتوظيف متخصصين في تقييم الأثر البيئي

3- العمل على بناء مؤسسات قادرة على تنفيذ السياسة ومراكز أبحاث قادره على اكتشاف الآثار التراكمية للآثار البيئية، وكذلك العمل على استحداث مركز بيانـات، أو مركـز استبياني علمي وبيئي تابع لقسم تقييم الاثر البيئي، ، بحيث يكون قادراً على تنظيم العمل من خلال استيعاب عدد من المختصين في مجال تقيـيم الأثـر البيئي.
4- استحداث لائحة تنفيذية لقانون حماية البيئة بالإضافة إلى نصـوص توضـيحية، وكـذلك استحداث شرطة بيئية مهمتها المتابعة والتنفيذ
5 -اعتماد الموافقة البيئية أساس لترخيص المشاريع الانشائية وأن تتم المتابعة والتفتـيش مـن خلال استحداث دائرة للتفتيش والمتابعة، وسحب التراخيص من المؤسسات التي لا تلتـزم بالكشف عن الأخطار إذا لزم الامر، حتى تلتزم بالشروط التخفيفية للآثار.
6-إعتماد المشاركة الاجتماعية الحقيقية أساس من الأسس التي تقوم على سياسة تقييم الأثـر البيئي.
7 -اعتماد دائرة إعلامية يكون دورها توضيح المخاطر البيئية الحقيقية لإقامة جزء مـن هذه المشاريع، وخلق حالة من الوعي الجماهيري، وزيادة الاهتمام الشعبي في حالة ظهور مخاطر فجائية أو تراكمية.
8 -استخدام أسلوب القياس على المشاريع المتشابهة، وكذلك العمل على وضع لائحة واحـدة للمواصفات، شريطة الالتزام بها، وكذلك إلزام الشركاء المانحين بالمواصفات للتقليل من الوقت والجهد وللتقليل من محاولة الالتفاف على سلطة جودة البيئة.

9 -اعتماد قاعدة بيانات شاملة للبيئة ومتوفرة، مع العمل علـى تـوفير إجـراء الفحوصـات الميدانية أثناء العمل في المشروع وفي تقييم الأثر.
10 -اعتماد خطوات موحدة لإجراء تقييم الأثر البيئـي، وغالبـا لا يـتم الالتزام بالمراحـل والخطوات.
11 -العمل على إلزام المكاتب الاستشارية باستخدام متخصصين في مجال دراسة تقييم الأثر البيئي.
12 – ان تكون طريقة تقييم الأثر البيئي واضحة وتمتلك منهجية أثناء القيام بعملية التقيـيم، وأن تكون المواصفات محددة وخاصة ما يتعلق بالحد الأعلى للتلوث المسموح به .
13 -تقييم الأثر البيئي يجب أن يكون مساندا للاستثمار في الدول العربية وليس طاردا له وهذا يـدخل في تخفيف العملية المكلفة بان تتم عملية القياس على المشاريع المتشـابهة.
14 – التدقيق البيئي وكذلك الإدارة البيئية في عملية منح الموافقات، مع الحاجة الماسة إلى قوة تنفيذية تؤهل وتمكن السلطة من تنفيذ قراراتها.
15 -أن يتم إجراء التقييم البيئي أثناء إعداد دراسة الجدوى الاقتصادية، وكـذلك تخطـيط المنهاج وتصميمه، وتطبيق استخدام أساليب عمل تتناسب مع الظـروف البيئيـة المحيطـة للمنطقة.
16 -تطوير أنظمة إدارة المعلومات والبيانات، مع توفير مركز بيانات بيئي وطني.
17 -تنمية القدرات وتقويتها في مجال البحث العلمي وتقييم الأثر البيئي.
18 -المنهجية هي طريقة علمية وجزء من المنهجية العامة لسلطة جودة البيئة، وأن ينظـر إلى ما يطلبه صاحب المشروع ولكن بطريقة علمية.
19 -تخفيف متطلبات التقييم بما يتلاءم والحفاظ على البيئة.
20 -القياس على المشاريع المتشابهة لاستغلال الوقت والمال.
21- تمكين وزارات البيئة بالدول العربية بان تودي المهام الموكلة بها و منها المراقبة والمتابعـة واتخاذ الإجـراءات المناسبة، وأن يكون العاملين في هذا المجال من المختصين في تحديد الآثار ومخاطرها علـى صحة الكائنات الحية، وكذلك على المصادر الطبيعية، ووقف عملية استنزافها، وأن يوضع تحت تصرفهم آلية قانونية، أو شرطة بيئية تمتلك إمكانيات تنفيذية.

22- – التزام أصحاب المشروع بتطبيق الإجـراءات البيئيـة المقترحـة، ومتطلبات السلامة.

23 -يجب أن تمتلك السياسة خطة واضحة للمراقبة وهذه الخطة عادة ما تكون مشتركة فـي إجراءاتها للحماية العامة تبعا للمشروع المنوي إقامته، وبناءً على ذلك تقوم بطـرح آليـة للمراقبة للمشروع على أن تكون أساس تنطلق منه خطة المراقبة لضمان تطبيـق الإجراءات البيئية المقترحة، وتهدف الخطة إلى الحفاظ على عناصر البيئة المختلفـة، ومنـع تدهورها، وفي نفس الوقت تعزيز الآثار الإيجابية، بما يساهم في تنمية البيئة وتطورها بحيث تتضمن الخطة عدة مستويات وعدة مراحل هي:
أ- مرحلة الإنشاء: مراقبة تطبيق الإجراءات المطلوبة لدى تركيب الآلات والمعدات وإعـداد الأرض وغيرها.

ب- مرحلة التشغيل: مراقبة تطبيق الإجراءات التخفيفية المطلوبة لمنع انبعاث الملوثـات، أو التأثير السلبي على البيئة مع تعزيز الآثار الإيجابية.

ج- المشاركة المجتمعية: يعني ذلك مراقبة الهيئات الرسمية لأصحاب المشروع بتطبيق الإجراءات البيئية والادارية، وإجراء الفحوصات والمراقبة على عناصر البيئـة المختلفـة.

0
Would love your thoughts, please comment.x
()
x