المبادرات البحرية الصديقة للبيئة: حماية المحيطات وصحة الأطفال في المغرب

0

تعاني أطفال عدة قرى نائية في المغرب من تفاقم الأمراض المرتبطة بتغيرات المناخ، وهو أمر يستدعي تدخل المجتمع الدولي لتحمل مسؤولياته تجاه هذا التأثير الغير عادل. المغرب، الذي يواجه آثاراً قوية لتغير المناخ نظراً لوجوده في إحدى أكثر المناطق جفافًا في العالم، يشهد تكراراً للظواهر المناخية المتطرفة، مثل الجفاف والفيضانات وارتفاع درجات الحرارة

تترتب على هذه التغيرات المناخية في المغرب آثاراً سلبية على صحة الأطفال، خاصة في المناطق الجنوبية والأرياف. تظهر أمراض مزمنة مثل ضيق التنفس والملاريا، جنبًا إلى جنب مع زيادة حالات الإسهال والأمراض المعدية، والتي قد تؤدي أحيانًا إلى حالات وفاة بين الرضع والأطفال. تشهد هذه المناطق أيضًا ظاهرة الهجرة القسرية من الأرياف نحو المدن الكبرى، مما يعزز تحديات الصحة العامة ويستدعي التحرك الفوري لتخفيف الضغوط على هذه الطبقات الضعيفة في المجتمع.

قصص حزينة

في إطار الظروف البيئية القاسية والتحديات الصحية المتنامية في المغرب، يطلق خبراء في مجالي الصحة والمناخ نداء الإنذار حول تفاقم الأوضاع. ينتج تأثير تغير المناخ عن أحوال جوية قاسية، مما يؤدي إلى زيادة في حالات الوفيات وانتشار الأمراض والإصابات، خاصةً بين الأطفال.

منير، الذي لا يتجاوز عمره 11 عامًا، يُعاني من مشاكل صحية خطيرة، حيث يعاني من الربو وضيق في التنفس. الأطفال في هذه القرى النائية يعيشون تحت وطأة الظروف البيئية القاسية، حيث يشهدون ارتفاعًا في درجات الحرارة ونقصًا في الموارد المائية وتغيرات في المحاصيل الزراعية.

وفي قصة أخرى، يروي محمد (8 سنوات) معاناته من تعفن في الأمعاء، الذي يُعزى إلى شح المياه الناتج عن جفاف المنطقة. مشكلة تلوح في الأفق، حيث يضطر السكان إلى شرب مياه ملوثة تسبب تسممًا وتعفنات في الأمعاء.

وفي مأساة إضافية، يكشفت الأمهات عن الصعوبات المالية في تأمين علاج أطفالهم، حيث يتطلب العلاج تكاليف باهظة. هذا يضيف تحديًا إضافيًا للعائلات الفقيرة التي تعيش في هذه المناطق، مما يعرض حياة الأطفال للخطر ويجبر العديد منهم على ترك المدرسة بسبب حالتهم الصحية السيئة.

تغير المناخ يترك أضرارا صحية لدى الأطفال

في تعليق على الأوضاع الصحية الصعبة التي يواجهها عدد من المواطنين في المغرب، خاصةً في جنوب البلاد والمناطق النائية، أكد الخبير في النظم الصحية والسياسات، الطيب حمضي، أن سنوات الجفاف المتتالية تسببت في زيادة حالات الأمراض، مثل الإسهال وجفاف الجسم ومشاكل في القلب والجهاز التنفسي.

وأربط حمضي هذه المشكلات بتأثيرات تغير المناخ، وخاصةً الجفاف ونقص المياه، مما يؤدي إلى تدمير التنوع الإحيائي وتقلص الغطاء النباتي. وشدد على أن الأطفال يعتبرون الأكثر ضعفًا من ناحية النظام المناعي والنمو، مما يجعلهم عرضة أكبر للأمراض الناتجة عن تغير المناخ.

وأوضح الخبير أن تأثير تغير المناخ يمتد إلى مجالات الغذاء ومصادر المياه والصحة العامة، مما يؤدي إلى تفاقم مشكلات الإسهال والقلب والجهاز التنفسي. وأشار إلى أن الأبحاث العلمية تظهر أن آثار تغير المناخ تكون أكثر تأثيرًا على صحة أطفال المناطق النائية، خاصة في غياب الرعاية الطبية ونقص المرافق الصحية وانعدام الوعي الصحي.

 التدهور البيئي يفاقم الأمراض المعدية

أكد خبراء في مجال البيئة والصحة أن الأمراض التي تصيب الأطفال في المغرب هي نتيجة مباشرة لارتفاع تركيزات الأوزون على سطح الأرض، وذلك في المناطق الحضرية المتأثرة بتغير المناخ.

وفي سياق متصل، أظهر تقرير صادر عن المنتدى العربي للبيئة والتنمية عام 2016 أن المغرب يشهد سنوياً وفيات مرتبطة بالتدهور البيئي بمعدل يتجاوز 130 حالة وفاة لكل 100 ألف نسمة. واستنادًا إلى بيانات منظمة الصحة العالمية لعام 2016، تم التأكيد على أن نسبة كبيرة من هذه الوفيات تسجل بين الأطفال دون سن الخمس سنوات.

من جانبها، أشارت عزيزة مخشان، الخبيرة في التنمية المستدامة، إلى أن تغير المناخ يرتبط بشكل وثيق بالصحة العامة للإنسان. وعلى الرغم من التقدم العلمي في مجال مكافحة الأمراض، إلا أن مخشان أعربت عن قلقها من أن تغير المناخ قد يعرض هذه الإنجازات للخطر، حيث تظهر الأمراض الفتاكة حساسية شديدة تجاه التغيرات في درجات الحرارة والرطوبة، مما يسرع من انتشار الأمراض.

وأكدت المتحدثة أن الهدف 13 من أهداف التنمية المستدامة يشدد على ضرورة اتخاذ إجراءات فورية لمواجهة تغير المناخ وتأثيراته، حيث يؤدي تغير المناخ إلى زيادة في الظواهر المناخية القاسية وتفاقم مشاكل إدارة المياه وتقليل الإنتاج الزراعي والأمان الغذائي، مما يتسبب في زيادة المخاطر الصحية وتدمير البنية التحتية وتقليل توفير الخدمات الأساسية.

مخاوف من ظهور حشرات حاملة للفيروسات

وأضافت المختصة، أن علماء الحشرات يشاركون في القلق، حيث يؤكدون أن توسع المناطق الحارة والرطبة حول العالم سيؤدي إلى زيادة تصل إلى عشرة أضعاف في أعداد الحشرات التي تحمل الفيروسات. وأشاروا إلى أن التكلفة التقديرية للأضرار المباشرة على الصحة نتيجة لهذا التوسع ستتراوح بين 2 و4 مليارات دولار سنويًا بحلول عام 2030.

وفي سياق متصل، أكدت مخشان أن تغير المناخ يلعب دورًا حاسمًا في زيادة حالات أمراض الجهاز التنفسي، التي ترتبط بتلوث الغلاف الجوي وارتفاع مستويات الأوزون، مما يساهم في رفع درجات الحرارة.

جهود الحكومة تعيد الأمل

تواصل المغرب جهوده لضمان استدامة تنميته ومواجهة تحديات تغير المناخ، خاصة في المناطق الجنوبية من المملكة. تتضمن المبادرات الصحية تنظيم قوافل طبية وإقامة مستشفيات ميدانية لتوفير العلاجات اللازمة وإنقاذ الأطفال.

وتشمل المبادرات الاقتصادية تسريع التحول إلى الاقتصاد الأخضر، واعتماد مصادر الطاقة المتجددة، وتحسين إدارة الموارد المائية، ومحاربة شح المياه، وضمان الأمن الغذائي والطاقي.

ورغم أن المساهمة المغربية في الانبعاثات العالمية من الغازات الدفيئة قليلة، إلا أنه وضع مساهمة وطنية محددة. يهدف المغرب إلى الحد من الكربون وتحقيق الاكتفاء الطاقي، وفقًا لأهداف “الخطة الوطنية منخفضة الكربون طويلة الأمد 2050” التي قدمها المغرب للأمم المتحدة في نهاية 2021.

وتشير خبراء حشرات إلى أن توسع المناطق الحارة والرطبة على وجه الأرض سيزيد أعداد الحشرات الحاملة للفيروسات بشكل كبير، مع تكلفة تقديرية للأضرار الصحية بين 2 و4 مليارات دولار سنويًا بحلول 2030.

على الصعيدين البيئي والصحي، يلتزم المغرب بتحقيق أهداف الأمم المتحدة واتفاقية حقوق الطفل، مؤكدًا على أهمية تحسين صحة الأطفال في ظل التحديات المستمرة التي تفرضها التغيرات المناخية.

0
Would love your thoughts, please comment.x
()
x