أزمة الميزانية تلقي بظلالها: تأخير خطط الحكومة الألمانية للإنفاق
أعرب المستشار الألماني أولاف شولتس بشكل حاد عن معارضته لأي خفض في الإعانات الاجتماعية. يأتي هذا التصريح في وقت يسعى فيه ائتلاف الحكومة للتوصل إلى اتفاق بشأن ميزانية العام 2024، وذلك عقب قرار قضائي الشهر الماضي أثر في تنفيذ خطط الحكومة للإنفاق
أزمة الميزانية تلقي بظلالها: تأخير خطط الحكومة الألمانية للإنفاق.
تفاقمت الأوضاع بعد قرار المحكمة القضائية المتعلق بالديون، الذي أجبر الحكومة على إعادة النظر في أولوياتها للإنفاق والبحث عن وسائل بديلة لتمويل خططها أو تحقيق مدخرات جديدة.
وفي مؤتمر حزب الاشتراكي الديمقراطي، أشار شولتس إلى أن حكم المحكمة يفرض تحديات كبيرة على الحكومة، مؤكدًا رفضه أي خفض في الرعاية الاجتماعية. يسعى المستشار حاليًا للتوصل إلى اتفاق مع شركائه في الائتلاف، حزب الخضر والحزب الديمقراطي الحر الليبرالي، دون تقديم تفاصيل حول المحادثات، إلا أنه أكد على تطلعه لبناء ثقة تجاه النجاح في التوصل إلى اتفاق شامل.
وأصدرت المحكمة الدستورية الألمانية يوم 15 نوفمبر حكماً يقضي بأن حكومة المستشار أولاف شولتس انتهكت قانون الديون المنصوص عليه في الدستور. وذلك عندما قامت الحكومة بتحويل مبلغ قدره 60 مليار يورو، المخصص لدعم مكافحة الأوبئة، إلى صندوق للمناخ.
هذا القرار الذي أثار الجدل جعل الأزمة المالية تتفاقم، مما أدى إلى تصاعد التوترات بين الأحزاب السياسية حول كيفية استخدام الأموال. وفتح هذا الحكم علامة استفهام حول قانون الإنفاق الصارم الذي يحظى به في ألمانيا.
وتشير التوقعات الحالية إلى ضرورة عصف الائتلاف بفجوة في الميزانية تبلغ 17 مليار يورو. في هذا السياق، طالبت الحزب المعارض المحافظ والحزب الديمقراطي الحر بخفض الإنفاق على الرعاية الاجتماعية.
من ناحية أخرى، أكد وزير الاقتصاد من حزب الخضر، روبرت هابيك، رغبته في متابعة تنفيذ جميع المشروعات المصممة سابقاً. وفي إشارة إلى التعقيدات السياسية، اعترفت المجموعة البرلمانية لحزب الاشتراكي الديمقراطي بأنه من غير الممكن إقرار ميزانية عام 2024 هذا العام.
ما زال المستشار شولتس وشركاؤه يسعون للتوصل إلى اتفاق سياسي بحلول نهاية العام، مع النية المحتملة لطرحه أمام البرلمان في بداية عام 2024، في وقت تظل فيه التحديات المالية والسياسية تشكل تحدياً كبيراً.
وحث المستشار الألماني أولاف شولتس بشكل حاز على الاهتمام على استقدام الكوادر الفنية المختصة إلى ألمانيا، وفقًا لتقرير “الألمانية”. وألقى شولتس كلمته أمام 600 مندوب حزبي في برلين، حيث أكد على ضرورة توفير أفق لاستقبال الكوادر الفنية لتعزيز نمو ورفاهية المجتمع الألماني.
مع ذلك، قرر شولتس عدم تكرار مطالبه السابقة المثيرة للجدل بشأن عمليات الترحيل الواسعة النطاق لطالبي اللجوء الذين ليس لديهم حق البقاء في ألمانيا. وأوضح أن ألمانيا كبلد هجرة لا تزال بحاجة إلى توافر العناصر الضرورية لتحقيق التطور ورفاهية المجتمع.
وفي محاولة لتجنب استمرار الجدل حول قضايا الترحيل، أشار شولتس إلى أن الهجرة غير النظامية يجب الحد منها بشكل متزامن مع تعزيز استقدام الكوادر الفنية المتخصصة. يأتي هذا التصريح في ظل انقسامات داخل حزب شولتس بسبب سياسة الهجرة التي تنتهجها الحكومة الألمانية، والتي أثارت استياءً خاصًا في الجناح اليساري للحزب في الفترة الأخيرة.
وفي تطور يبرز الانقسام داخل حزب الاشتراكي الديمقراطي الألماني، انتقدت قيادة شباب الحزب بشكل حاد تصريحات المستشار الألماني أولاف شولتس حول ضرورة استقدام الكوادر الفنية إلى ألمانيا، معتبرة أنها “مأخوذة مباشرة من مفردات الغوغاء اليمينيين”. وجاء هذا التصريح في أعقاب كلمة شولتس أمام مندوبي الحزب في برلين.
ورغم انتقادات شباب الحزب، أكد شولتس التزامه بدعم أوكرانيا في حربها الدفاعية ضد روسيا، رغم الأزمة المالية الحالية التي تعصف بالبلاد. وأعلن المستشار الألماني أن ألمانيا ستواصل مساعدة أوكرانيا بالمال والسلاح، محذرًا من أنه لا يجوز للرئيس الروسي فلاديمير بوتين أن يتوقع “التراخي”. وأعرب عن اعتقاده بأن البلاد يجب أن تكون قادرة على تقديم مساعدات أكبر، مع التأكيد على اتخاذ قرارات تسمح بالاستمرار في الدعم.
وفي سياق آخر، توصل العاملون في قطاع الخدمة العامة في الولايات الألمانية إلى اتفاق في مفاوضات الأجور الخاصة، وفقًا لمصادر مشاركة في المفاوضات، فيما تبقى ألمانيا ثاني أكبر داعم لأوكرانيا حاليًا بعد الولايات المتحدة.
وتوصلت قادة نقابة “فيردي” للعاملين في قطاع الخدمات واتحاد الموظفين الألمان “دي بي بي” إلى اتفاق تاريخي مع المفاوضين الرئيسيين عن رابطة المفاوضات الجماعية “تي دي إل” التابعة للولايات الألمانية.
ووفقًا للمصادر، من المتوقع أن يستفيد أكثر من مليون عامل في القطاع من علاوة استثنائية بقيمة إجمالية تبلغ ثلاثة آلاف يورو، معفاة من الضرائب والرسوم. إضافة إلى ذلك، ستشهد الرواتب زيادة ثابتة بقيمة 200 يورو، إضافةً إلى زيادة في نسبة الراتب بنسبة 5.5 في المائة.
يأتي هذا الاتفاق بعد مطالبات الممثلين عن النقابات بزيادة الرواتب بنسبة 10.5 في المائة أو بحد أدنى 500 يورو. وتمثل هذه النتائج تواصلاً للاتفاق الذي تم التوصل إليه في إبريل للعاملين في قطاع الخدمة العامة التابع للحكومة الاتحادية والبلديات.
وكان قد شل إضراب واسع النطاق في ألمانيا قطاع النقل في البلاد منتصف العام، مع مطالبة النقابات العمالية برفع الأجور في مواجهة التضخم. وتندرج هذه الحركة في إطار توتر اجتماعي متزايد في أكبر اقتصاد أوروبي، حيث نظمت عدة إضرابات منذ مطلع العام في مختلف القطاعات، شملت مدارس ومستشفيات، مرورا بالبريد وإدارات محلية.