فرنسا تستثمر 3.5 مليار يورو لتحفيز السياحة الصينية وتعيد الازدهار الاقتصادي
في ظل انخفاض خطوط الطيران وارتفاع أسعار تذاكر السفر، وتزايد مشكلات تأشيرات الدخول والمخاوف الأمنية، يظل السياح الصينيون يتجنبون زيارة فرنسا. ومع ذلك، لم تفقد الحكومة الفرنسية الأمل في إقناعهم بالعودة، وهو الهدف الرئيسي لزيارة أوليفيا جريجوار، وزيرة السياحة، إلى الصين
فرنسا تستثمر 3.5 مليار يورو لتحفيز السياحة الصينية وتعيد الازدهار الاقتصادي.
قبل جائحة كوفيد في عام 2019، كانت فرنسا قد استقبلت أكثر من مليوني سائح صيني، وهم يشكلون 3 في المائة من إجمالي الزوار، لكنهم كانوا يسهمون بنسبة 7 في المائة من الإنفاق السياحي، والذي بلغ 3.5 مليار يورو.
مع إعادة فتح الحدود الصينية في يناير 2023، لم تتوفر بعد الأرقام الرسمية للوافدين إلى فرنسا. ومع ذلك، أفادت وزارة السياحة الفرنسية أن العائدات قد تجاوزت بشكل كبير عتبة المليار يورو.
تأتي زيارة وزيرة السياحة في إطار افتتاح العام الفرنسي – الصيني للسياحة الثقافية، وتأتي أيضًا في إطار الاحتفال بالذكرى الـ60 للعلاقات الثنائية بين الصين وفرنسا. الهدف من هذه الزيارة هو طمأنة السياح الصينيين وإعادة جذب اهتمامهم، خاصةً في ظل استعداد فرنسا لاستضافة الألعاب الأولمبية هذا الصيف.
وفي نهاية مارس 2023، وخلال زيارة الرئيس الفرنسي للصين، قدمت أربع مؤسسات سياحية بارزة – مجموعة إيه دي بي “مطارات باريس”، وكلوب ميد Club Med، وجاليري لافاييت Galerie Lafayette، وأكور Accor – مقترحات لتعزيز صورة الضيافة الفرنسية التي تضررت مؤخرًا.
من بين التحديات التي تم التطرق إليها، ظهرت مشكلات الحصول على تأشيرات الدخول وارتفاع أسعارها. وفيما يتعلق بمسألة التأشيرات “الحساسة جداً”، يعمل مكتب أوليفيا جريجوار على تحسين معالجة الطلبات، بما في ذلك إعادة فتح مراكز طلب التأشيرات في جميع أنحاء الصين وتقليص تكلفة الخدمة.
وتعتبر الخطوط الجوية مصدرًا آخر للقلق، حيث قلصت الخطوط الجوية الفرنسية “إير فرانس” عدد رحلاتها إلى الصين القارية إلى 14 رحلة أسبوعيًا منذ الصيف الماضي، مقابل 32 قبل الجائحة. وفي سياق اتفاق فرنسي – صيني معلق منذ تفشي الوباء، يفرض تسيير ما يصل إلى 128 رحلة أسبوعية. تعارض الخطوط الجوية الفرنسية استئناف هذا الاتفاق مادامت المجال الجوي الروسي محظورًا عليها، مما يؤدي إلى زيادة في مدة الرحلة ويثير مخاوف من تشويش في المنافسة مع الشركات الصينية.
وأشار ديدييه أرينو، مدير شركة بروتوريسم الاستشارية، إلى التحديات التي تواجه صناعة السياحة في فرنسا، حيث قال: “عندما يتراجع عدد الرحلات الجوية وترتفع أسعار التذاكر، بلغت بعضها +50 في المائة، يصبح من الصعب استقطاب عدد كبير من المسافرين، خاصةً عندما يتعين علينا تجنب المجال الجوي الروسي”.
وأوضح أرينو أن عودة الحياة إلى رحلات الطيران لم تكن كافية لتحسين الوضع، حيث قال: “حين انتعشت الرحلات، لم تكن أعمال الشغب التي حدثت في نهاية يونيو بسبب مقتل الشاب نائل موضوعًا إيجابيًا على نطاق واسع في الصين، وهو أمر لا يخدم السياحة أيضًا”.
وأشار إلى حساسية الصينيين تجاه الجوانب الأمنية، حيث قال: “نعلم مدى حساسية الصينيين تجاه الجانب الأمني، وقد قرر بعضهم عدم زيارة فرنسا على الرغم من قرارهم بزيارة أوروبا”.
وأشارأرينو بالقول: “الهدف من زيارة أوليفيا جريجوار هو أيضًا طمأنة الناس، خصوصًا في ظل استعداد فرنسا لاستضافة الألعاب الأولمبية، حيث يسعى لتعزيز الثقة وتحفيز السياحة في الفترة القادمة”.
وأشار ديدييه أرينو، مدير شركة بروتوريسم الاستشارية، إلى التأثيرات الاقتصادية على سفر الصينيين إلى فرنسا، حيث قال: “يجب ألا ننسى أيضا أن هناك أزمة اقتصادية في الصين”. وأضاف أرينو أن السياح الذين عادوا بأعداد قليلة إلى فرنسا هم أساساً من الفئة الفردية، وهم أولئك الذين يمتلكون الإمكانيات ويستطيعون الحصول على تأشيرات الدخول.
وأشار إلى أن السياح الغائبين هم في الغالب من فئة سياح المجموعات، قائلاً: “أعتقد أننا انتقلنا إلى عصر آخر يتطلب تسويقاً محدد الأهداف أكثر، حيث أصبح الزبائن أكثر تنقلًا واكتشافًا لبلادنا بشكل أعمق بعض الشيء”.
من جانبه، أكد مكتب وزيرة السياحة أن فرنسا تعمل على تعزيز عرضها السياحي، مع الإدراك الكامل أن الجيل الشاب الصيني يفضل السياحة المستدامة ويبحث عن الأصالة ووجهات جديدة خارج باريس، مثل كوت دازور أو ستراسبورج خلال عيد الميلاد.
وفي سياق متصل، شهدت فرنسا ارتفاعًا في معدل التضخم خلال ديسمبر الماضي بسبب زيادة أسعار الخدمات وتكاليف الطاقة، وذلك بعد خفض الحكومة للدعم المالي للأسر الفرنسية.
وأظهرت البيانات الاقتصادية الصادرة ارتفاع معدل التضخم السنوي في فرنسا إلى 4.1% خلال ديسمبر الماضي، مقارنة بنسبة 3.9% في نوفمبر. يتماشى هذا الرقم مع توقعات المحللين، على الرغم من أنه لا يزال أقل بكثير من ذروة التضخم التي بلغت 7.3% في فبراير 2023.
شهد الاقتصاد الفرنسي، الذي يُعد الثاني في منطقة اليورو، ارتفاعًا مماثلاً في معدل التضخم، الذي شهدته الدول الأخرى في المنطقة. ورغم أن هذا الارتفاع قد يكون في خط الاتجاه العام، إلا أنه من غير المرجح أن يشعر البنك المركزي الأوروبي بالقلق الزائد، خاصةً في ظل عدم تبرير الأسباب المحتملة للقلق.