زعماء العالم يتنافسون في الهيمنة على الذكاء الاصطناعي بقمة باريس
سوف يتم التركيز على الجغرافيا السياسية للذكاء الاصطناعي في قمة كبرى بفرنسا؛ حيث سيعمل زعماء العالم والمديرون التنفيذيون والخبراء على صياغة تعهدات بشأن توجيه تطوير التكنولوجيا المتقدمة بسرعة.
زعماء العالم يتنافسون في الهيمنة على الذكاء الاصطناعي بقمة باريس
إنها الأحدث في سلسلة من الحوارات العالمية حول حوكمة الذكاء الاصطناعي، ولكنها تأتي في نقطة انعطاف جديدة، حيث يهز روبوت الدردشة الصيني الصاخب ذو التكلفة المحدودة «ديب سيك» هذه الصناعة.
سيحضر نائب الرئيس الأميركي جيه دي فانس، الذي يقوم بأول رحلة له إلى الخارج منذ توليه منصبه، قمة عمل باريس للذكاء الاصطناعي التي ستبدأ يوم الاثنين، بينما سيرسل الرئيس الصيني شي جينبينغ مبعوثه الخاص، مما يشير إلى الرهانات الكبيرة للاجتماع، وفق «أسوشييتد برس».
أساسيات القمة
يجتمع رؤساء الدول وكبار المسؤولين الحكوميين ورؤساء التكنولوجيا والباحثون في باريس لحضور القمة التي تستمر يومين، والتي يستضيفها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، ورئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي. ويهدف هذا الحدث إلى معالجة كيفية تسخير إمكانات الذكاء الاصطناعي بحيث يستفيد منها الجميع، مع احتواء المخاطر الكثيرة للتكنولوجيا.
وتحضر رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، إلى جانب مسؤولين ورؤساء تنفيذيين من 80 دولة، من بينهم المستشار الألماني أولاف شولتز، ورئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو، والرئيس التنفيذي لشركة «أوبن إيه آي»، سام ألتمان، ورئيس شركة «مايكروسوفت»، براد سميث، والرئيس التنفيذي لشركة «غوغل»، سوندار بيتشاي.
كما تمت دعوة كل من الرئيس التنفيذي لشركة «تسلا»، إيلون ماسك، الذي حضر القمة الافتتاحية لعام 2023 في قاعدة فك الشفرات السابقة، في بلتشلي بارك بإنجلترا، ومؤسس «ديب سيك» ليانغ وينفينغ، ولكن من غير الواضح ما إذا كان أي منهما سيحضر.
وسيعقب جلسات النقاش وورش العمل التي ستُعقد في القصر الكبير يوم الاثنين عشاء في قصر الإليزيه الرئاسي لقادة العالم والرؤساء التنفيذيين. ومن المتوقَّع أن يلقي القادة ورؤساء الشركات كلمات في الجلسة الختامية يوم الثلاثاء.
ما الذي على المحك؟
بعد مرور أكثر من عامين على ظهور «تشات جي بي تي» لأول مرة، يواصل الذكاء الاصطناعي التوليدي تحقيق تقدم مذهل بسرعة فائقة. فالتكنولوجيا التي تُشغّل روبوتات الدردشة الآلية متعددة الأغراض تُحدث تحولاً في العديد من جوانب الحياة بفضل قدرتها على بث نصوص أو صور أو مقاطع فيديو عالية الجودة، أو تنفيذ مهام معقدة.
وقد أسفرت قمة 2023 في المملكة المتحدة عن تعهُّد غير ملزم من قبل 28 دولة بالتصدي لمخاطر الذكاء الاصطناعي. وخلص اجتماع متابعة استضافته كوريا الجنوبية العام الماضي إلى تعهُّد آخر بإنشاء شبكة من معاهد السلامة العامة للذكاء الاصطناعي لتعزيز البحث والاختبار.
سلامة الذكاء الاصطناعي
ولا تزال سلامة الذكاء الاصطناعي على جدول الأعمال في باريس، مع قيام فريق خبراء بتقديم تقرير عن المخاطر الشديدة المحتملة للذكاء الاصطناعي للأغراض العامة.
ولكن هذه المرة، يوسع المنظمون نطاق النقاش ليشمل المزيد من البلدان، ومجموعة من الموضوعات الأخرى المتعلقة بالذكاء الاصطناعي. وعلى غرار الدورات السابقة، لن تسفر هذه القمة عن أي لوائح ملزمة.
وقال ماكرون للصحافيين، بحسب صحيفة «لا بروفانس»: «تأتي القمة في وقت يحاول فيه الكثيرون وضع أنفسهم في المنافسة الدولية. يتعلق الأمر بإرساء قواعد اللعبة. لا يمكن أن يكون الذكاء الاصطناعي هو الغرب المتوحِّش».
يعمل المنظمون على جعل الدول توقع على إعلان سياسي مشترك يجمع الالتزامات من أجل ذكاء اصطناعي أكثر أخلاقية وديمقراطية واستدامة بيئية، وفقاً لمكتب ماكرون. ولكن من غير الواضح ما إذا كانت الولايات المتحدة ستوافق على مثل هذا الإجراء.
الهدف الكبير الآخر هو تأمين اتفاق لشراكة من أجل المصلحة العامة للذكاء الاصطناعي. وقال مكتب ماكرون إن باريس تسعى إلى جمع 2.5 مليار يورو (2.6 مليار دولار) للشراكة بين القطاعين العام والخاص التي تضم الحكومات والشركات والمجموعات الخيرية التي ستوفر وصولاً مفتوح المصدر إلى قواعد البيانات والبرمجيات وغيرها من الأدوات للجهات الفاعلة «الموثوقة» في مجال الذكاء الاصطناعي.
ويرغب فريق ماكرون في تحويل التركيز بعيداً عن السباق لتطوير ذكاء اصطناعي أفضل من البشر من خلال قوة الحوسبة المطلقة، وبدلاً من ذلك، فتح الوصول إلى البيانات التي يمكن أن تساعد الذكاء الاصطناعي في حل مشاكل، مثل السرطان أو «كوفيد – 19».
وقال مارتن تيسنيه، مبعوث القمة للمصلحة العامة للذكاء الاصطناعي: «لدينا الآن هذه الفرصة المذهلة لمعرفة ليس فقط كيف يجب أن نخفف من الأضرار المحتملة من الذكاء الاصطناعي، ولكن أيضاً كيف يمكننا ضمان استخدامه لتحسين حياة الناس».
فريق ترمب
تحدث الرئيس الأميركي دونالد ترمب عن رغبته في جعل الولايات المتحدة «عاصمة العالم للذكاء الاصطناعي»، من خلال الاستفادة من احتياطياتها من النفط والغاز لتغذية التكنولوجيا المتعطشة للطاقة.
وفي الوقت نفسه، تحرك الرئيس الأميركي لسحب الولايات المتحدة (مرة أخرى) من «اتفاقية باريس للمناخ»، وألغى الأمر التنفيذي الذي أصدره الرئيس السابق جو بايدن بشأن حواجز الحماية للذكاء الاصطناعي. ويقوم ترمب باستبداله بسياسته الخاصة بالذكاء الاصطناعي المصممة للحفاظ على ريادة أميركا العالمية من خلال الحد من الحواجز التنظيمية وبناء أنظمة ذكاء اصطناعي خالية من «التحيز الآيديولوجي».
وقال كبير محللي الجيوتكنولوجيا في مجموعة «أوراسيا»، نيك راينرز، إن الموقف الأميركي قد يقوض أي بيان مشترك. وأضاف: «ترمب ضد فكرة الحوكمة العالمية ذاتها. إن جعل الدول تتفق على أن الذكاء الاصطناعي يجب أن تكون له حواجز حماية، وأن سلامة الذكاء الاصطناعي أمر يستحق الاهتمام. لكنهم وسعوا النطاق للحديث عن مستقبل العمل والبيئة والشمولية وما إلى ذلك – مجموعة كاملة من المفاهيم. لذا من الصعب تخيُّل الحصول على اتفاق واسع النطاق حول هذه المجموعة الواسعة من الموضوعات».