تدرب لتصبح مستثمرا صغيرا !

تدرب لتصبح مستثمرا صغيرا !

بقلم نهاد فاروق
خبيرة التدريب وريادة الاعمال

يحتل التدريب أهمية بالغة في عملية تنمية وتطوير الموارد البشرية، كون العنصر البشري هو العنصر الأساسي لأي تقدم وازدهار. والاستثمار في التدريب هو عملية استثمارية ربحية تعود بالكسب والفوائد للأفراد والمنشآت العامة والخاصة والتي يمكن قياسها، حيث تأخذ : زيادة في الإرادات والأرباح والإنتاجية، وتقليل نسب أعطال الآلات والمعدات وإصابات العمل.
و الاستثمار في التدريب هو ترجمة وتحويل لنتائج الاستثمار في التدريب إلى أرقام مالية، كما أن هناك عوائد لا يمكن قياسها ماديا أو ترجمة آثارها إلى أرقام مالية مثل الثقة بالنفس ومهارات القيادة .
و لتصبح مستثمرا صغيرا؟
فان هناك ثمة تشابه كبير بين طبيعة المستثمر الراغب في بدء مشروعه بنفسه مع القائد في أي مؤسسة أيّا كان نوعها، فكلاهما لا بد أن يمتلك المهارات الشخصية التي يجب أن تتوافر في القيادة والتي أبرزها الاستقرار والأمان النفسي الذي يجعل لدى المستثمر أو القائد قدرة على مواجهة ضغوط السوق أو البيئة المحيطة به.
كما أن التماسك والثبات يجعلان للمستثمر أو القائد القدرة على اتخاذ القرار والتنافس في السوق مع الآخرين، فضلا عن الحماس الذي يمثل الوقود اليومي لقيادة أي عمل، وكذلك الميل إلى المجازفة بشكل تلقائي، وعدم الخضوع للمؤثرات بسهولة والتمتع بعزيمة نفسية كبيرة مع ثقة بالنفس. أيضا فإن البعض الآخر يضيف لهذه السمات التي تجمع بين القائد والمستثمر، القدرة على التخيل وقراءة الظروف المحيطة والمستقبلية، وكذلك الحدْس، فلا يمكن في ظل التدفق الهائل للمعلومات الاعتماد في كل مرة على منطق السبب والنتيجة، وإنما يترك أحيانا للحدس والشعور الداخلي تجاه الظواهر مساحة عند اتخاذ القرارات.
وإذا كانت هذه هي السمات المشتركة بين القائد والمستثمر، فإن هذا الأخير -خاصة إذا كان سيبدأ مشروعا صغيرا- لا بد أن يملك سمات شخصية بعضها يولد به الإنسان والأخرى يمكن اكتسابه من خلال التعلم والاحتكاك في الحياة اليومية. ومن خلال خبرتنا في التعامل في مجال المشروعات الصغيرة وجدنا أن أبرز السمات التي لا بد أن يمتلكها من يرغب في أن يصبح مستثمرا صغيرا هي” الرؤية” و تمثل الرؤية نقطة البداية بالنسبة للمشروع الجديد , وهي بمثابة الحلم الذي يطمح المستثمر إلى تحقيقه في المدى الطويل، والرؤية هي بمثابة القوة الدافعة التي تدفع المشروع إلى النجاح. المبادرة: ويبادر المستثمر بصياغة الأهداف ووضعها موضع التنفيذ بكفاءة، ويسيطر على الأحداث ويعتمد على حدسه وبديهته في حل المشكلات التي تنشأ, و تلعب البديهة دورا بالغ الأهمية بالنسبة لعملية صناعة القرارات في المشروعات الصغيرة، حيث لا يتم اتخاذ القرارات بناء على الحقائق أو المعلومات فقط، بل يتم بناء على خبرة المستثمر، وحسه العملي، ومشاعره اللحظية.
الحاجة للإنجاز: تُعَدّ من أهم دوافع الفرد لاختيار الاستثمار الحر كمهنة. فمن الثابت أن الرغبة الشخصية في صياغة أهداف الفرد والسعي الحثيث لإنجازها هما أهم القوى المحركة لدى الكثير من المستثمرين ، ولذا نجد المستثمر الحر يرغب دائما في تحمل مسئولية تصرفاته وفي أن يؤدي أداء جيدا في مواقف التنافس وأن تحركه النتائج وأن يتحمل مخاطر معقولة، ولا يميل إلى الأنشطة الروتينية.
، والاستقلال فهناك أفراد كثيرون تركوا وظائف تنفيذية كانوا ناجحين فيها، وذلك لرغبتهم الشديدة في أن يكون لهم عملهم الخاص وأن يكونوا رؤساء أنفسهم. والمستثمرين مغرمون بتحمل المخاطر وتحدي المجهول، فإن حقيقة الأمر أنهم لا يتحملون سوى المخاطرة المحسوبة. ومع ذلك فإن ما قد يبدو للآخرين مرتفع المخاطر من الناحية الاستثمارية، قد يكون أقل البدائل المتاحة في درجة المخاطرة من وجهة نظر المستثمر نفسه. أما تحمل المسئولية فهذا العامل يميز بوضوح بين المستثمر والمدير التنفيذي، وكذلك بين المستثمر الناجح والأقل نجاحا. المستثمر الناجح هو شخص عملي يتحمل مسئولية سلوكياته، ومن ثَم فهو لا يلقي عبء نجاحه أو فشله على ظروف البيئة الخارجية.
ونحن في عصر تتغير فيه الأشياء بسرعة مذهلة، لا يوجد فيه مكان للأفكار البالية التي لا تساير متطلبات الحياة للأفراد الذين تتزايد رغباتهم في الاستمتاع بكل ما هو جديد. وينطبق هذا بجلاء على المنتجات الاستهلاكية أو الخدمية أو السلع المعمرة التي يجب أن تتطور كل يوم لتفي بمتطلبات الأفراد والمجتمع. إن المستثمر الصغير يجب أن يظهر ابتكاره الجديد في سلعته وفي خدماته المختلفة. فالإبداع أو الابتكار يُعَدّ أحد العوامل المهمة في إنجاح المشروع. وفي ظل الظروف المتغيّرة التي تسود السوق الدولية، والمنافسة الشديدة التي تضطر الشركات والدول لمواجهتها يتحول الابتكار إلى أداة مهمة من أدوات التعامل مع تطورات البيئة الدولية الجديدة. وسواء أكان الأمر يتعلق بالشركات الفردية أو الاقتصاديات الوطنية فإن الابتكار هو مفتاح أي ميزة تنافسية، وهو قوة دافعة نحو تحقيق النمو. وفي ظل اقتصاد جديد يعتمد على المعرفة تتزايد أهمية الابتكار، حيث يحدث تحوّل جذري من اقتصاديات السلع إلى اقتصاديات الأفكار .

نهاد
Comments (0)
Add Comment