تدرس الولايات المتحدة زيادة الحد الأدنى لرؤوس أموال البنوك الكبرى وهو ما يعني اتساع الفجوة التنظيمية الحاكمة لكل من البنوك الأمريكية والأوروبية.
وبحسب ما ذكرته صحيفة “وول ستريت جورنال” الأمريكية يمكن أن تواجه البنوك الكبرى في الولايات المتحدة زيادة إلزامية في رؤوس أموالها بنسبة 20 في المائة في إطار عملية إصلاح طال انتظارها للقطاع المصرفي الأمريكي.
وذكرت وكالة “بلومبيرج” للأنباء أن هذه الاشتراطات الجديدة ستقلص قدرة البنوك الأمريكية الكبرى مثل جيه.بي مورجان تشيس وبنك أوف أمريكا على منافسة البنوك الأوروبية مثل بي.إن.بي باريبا ودويتشه بنك في تقديم القروض للشركات وتداول الأوراق المالية. ورغم ذلك شهدت الأعوام القليلة الماضية استحواذ الشركات الأمريكية على حصة سوقية من الشركات الأوروبية، رغم خضوعها لقواعد أشد صرامة.
وبحسب “وول ستريت جورنال”، فإن عملية الإصلاح سترفع أيضا معايير رؤوس الأموال للبنوك الصغيرة والمتوسطة، وهي الشريحة التي يقول الأوروبيون إنها تخضع لقيود أشد صرامة.
في الوقت نفسه، فإن البنوك قد تتحلى بقدر أكبر من الحذر بشأن عائدات المساهمين لحين اتضاح المعايير الجديدة لرؤوس الأموال.
وقال جان فريزر الرئيس التنفيذي لمجموعة سيتي جروب المصرفية الأمريكية العملاقة في الأسبوع الماضي إن البنك سيعلق أي خطوات باستثناء عملية بسيطة لإعادة شراء الأسهم حتى تتضح التغييرات المرتبطة بتطبيق معايير بازل 111 ومراجعة مجلس الاحتياطي الاتحادي (البنك المركزي الأمريكي) لاشتراطات رؤوس أموال البنوك الأمريكية.
يشار إلى أن البنوك الأمريكية شددت معايير الإقراض في الأشهر الأولى من هذا العام، في نهج تتوقع مواصلته على مدى 2023، وفق ما جاء في استطلاع نشره “الاحتياطي الفيدرالي” أخيرا.
يأتي التقرير الذي تتابعه بورصة وول ستريت من كثب فيما يشهد القطاع المالي مخاوف مرتبطة بهروب الودائع على خلفية الاضطرابات التي أثارها انهيار بنك سيليكون فالي وسيجنتشر بنك في آذار (مارس).
وفي الأسابيع الأخيرة، سجلت أسهم المصارف متوسطة الحجم تراجعات كبيرة وسط قلق المستثمرين من تكرار سيناريوهات سابقة عندما عجل هروب الودائع انهيار مصارف أو لعب دورا كبيرا في ذلك.
وأفاد “الاحتياطي الفيدرالي”، بأنه لدى سؤالها عن توقعاتها لمعايير الإقراض لبقية عام 2023، “ذكرت المصارف أنها تتوقع تشديد المعايير على جميع فئات القروض”.
وتشمل المبررات التي ذكرت بشكل أكثر تكرارا التدهور المتوقع في الجودة الائتمانية لحافظات القروض وقيم الضمانات، إلى جانب تراجع التساهل مع المخاطر، بحسب الاستطلاع المرتبط بممارسات الإقراض المصرفية.
وأضاف الاستطلاع أنه من بين الأسباب الأخرى “المخاوف حيال تكاليف التمويل المصرفي ووضع السيولة في المصارف وتدفق الودائع إلى الخارج”.
رؤوس أموال البنوك
وتابع أن “المستطلعين لفتوا إلى تشديد المعايير وتراجع الطلب في الربع الأول من العام على مختلف أنواع القروض الممنوحة للأعمال التجارية والعائلات”.
وأوضح أنه “في المجمل، تم التطرق إلى تشديد المعايير بالنسبة إلى قروض الأعمال التجارية بشكل أكثر تكرارا في المصارف متوسطة الحجم”.
وفيما يتعلق بالإقراض التجاري والصناعي، أشارت المصارف متوسطة الحجم وغيرها بشكل أكبر إلى وضع السيولة لديها ومسائل تشمل المخاوف المتزايدة حيال تداعيات التغييرات التشريعية.
وشملت مخاوف المصارف أيضا التوقعات الاقتصادية الضبابية.
وفي تقرير منفصل عن الاستقرار المالي نشر في وقت سابق، وكان الأول منذ انهارت أربعة مصارف إقليمية أخيرا، شدد البنك المركزي على المخاوف المرتبطة بتشديد ظروف الائتمان.
وذكر تقرير “الاحتياطي الفيدرالي” أن “المخاوف حيال التطلعات الاقتصادية والجودة الائتمانية والسيولة يمكن أن تدفع المصارف وغيرها من المؤسسات المالية إلى تقليص المعروض من الائتمان في الاقتصاد”. وتابع أن “انكماشا حادا في توافر الائتمان سيرفع تكلفة التمويل للأعمال التجارية والعائلات، ما من شأنه أن يؤدي إلى تباطؤ في النشاط الاقتصادي”.
وحذر محللون أخيرا من أن التأثير الكامل لصدمة آذار (مارس) المصرفية لم يتجسد بعد.
وقال مجلس الاحتياطي “إن القطاع المصرفي الأمريكي في وضع جيد بشكل عام لتجاوز الاضطرابات التي شهدها في الآونة الأخيرة غير أن التجربة ربما تلقي بظلالها على الظروف الائتمانية في المستقبل”.