بعد تأخير دام ثمانية أشهر، توصلت الحكومة الباكستانية وصندوق النقد الدولي أخيراً إلى اتفاق على مستوى الموظفين بشأن ترتيب ائتماني بقيمة 3 مليارات دولار، هو أعلى مما توقعته إسلام آباد، وذلك في وقت تتأرجح الدولة التي تعاني من ضائقة مالية على شفا التخلف عن السداد بعد توقف النمو وارتفاع التضخم خلال العام الماضي.
باكستان تتوصل لاتفاق مبدئي مع «صندوق النقد» على قرض
ومع ذلك، فإن الصفقة سوف تخضع لموافقة المجلس التنفيذي لصندوق النقد الدولي في يوليو (تموز) المقبل.
وأعلن رئيس الوزراء الباكستاني شهباز شريف في تغريدة عبر حسابه الخاص على «تويتر»، أن الاتفاق على مستوى الموظفين مع صندوق النقد الدولي «سيساعد على تعزيز احتياطيات باكستان من النقد الأجنبي، وتمكين باكستان من تحقيق الاستقرار الاقتصادي، ووضع البلاد على طريق النمو الاقتصادي المستدام».
وكان وزير المالية الباكستاني إسحاق دار قال مساء الخميس إن اتفاقاً على مستوى الموظفين بشأن صفقة إنقاذ حاسمة مع صندوق النقد الدولي «قريب جداً»، ومن المتوقع أن يتم التوصل إليه خلال الساعات الـ24 المقبلة.
ووفق بيان صادر عن الصندوق على موقعه الرسمي، فإن الاتفاق على مستوى الخبراء «سيدعم الجهود الفورية التي تبذلها السلطات لتحقيق الاستقرار في الاقتصاد من الصدمات الخارجية الأخيرة، والحفاظ على استقرار الاقتصاد الكلي، وتوفير إطار للتمويل من الشركاء متعددي الأطراف والثنائيين». وأضاف «كما سيخلق مساحة للإنفاق الاجتماعي والإنمائي من خلال تحسين تعبئة الإيرادات المحلية والتنفيذ الدقيق للإنفاق للمساعدة في تلبية احتياجات الشعب الباكستاني».
وكانت باكستان تنتظر الإفراج عن 2.5 مليار دولار المتبقية من حزمة إنقاذ بقيمة 6.5 مليار دولار كان تم الاتفاق عليها في عام 2019، والتي انتهت صلاحيتها الجمعة.
وبهدف المساعدة على تسريع التوصل إلى إبرام هذا الاتفاق، قام المصرف المركزي الباكستاني يوم الاثنين الماضي برفع سعر الفائدة الرئيسي إلى مستوى قياسي بلغ 22 في المائة. وقال رئيس بعثة صندوق النقد الدولي في باكستان نايثن بورتر، في بيان الإعلان عن التوصل إلى الاتفاق: «يسرني أن أعلن أن فريق صندوق النقد الدولي قد توصل إلى اتفاق على مستوى الموظفين مع السلطات الباكستانية بشأن ترتيب احتياطي لمدة تسعة أشهر بمبلغ 2250 مليون من حقوق السحب الخاصة (حوالي 3 مليارات دولار أو 111 في المائة من حصة صندوق النقد الدولي في باكستان)». وأوضح أن الاتفاق الجديد يستند إلى جهود السلطات في إطار البرنامج الباكستاني المدعوم من الصندوق لعام 2019 والذي ينتهي في نهاية يونيو (حزيران).
وأوضح أن الاقتصاد الباكستاني «واجه كثيراً من الصدمات الخارجية، مثل الفيضانات الكارثية في عام 2022 التي أثّرت على حياة ملايين الباكستانيين وارتفاع أسعار السلع الدولية في أعقاب الحرب الروسية في أوكرانيا».
وأضاف «نتيجة لهذه الصدمات وكذلك بعض الأخطاء… توقف النمو الاقتصادي».
وشرح بورتر الإجراءات التي قامت السلطات الباكستانية والتي مهدت للتوصل إلى الاتفاق، لا سيما:
– موافقة البرلمان الباكستاني على موازنة عام 2024 بما يتماشى مع أهداف دعم الاستدامة المالية وتعزيز الإيرادات، مما سيمكن من زيادة الإنفاق الاجتماعي والإنمائي. ودعا بورتر الحكومة الباكستانية إلى تنفيذ ما ورد في الموازنة كما هو مخطط له.
– تعهد المصرف المركزي الباكستاني ضمان التحديد الكامل لسعر الصرف في السوق. وأشار بورتر إلى أن المصرف المركزي الباكستاني يجب أن يظل في المستقبل استباقياً للحد من التضخم، الذي يؤثر بشكل خاص على الفئات الأكثر ضعفاً، والحفاظ على إطار صرف أجنبي خال من القيود المفروضة على المدفوعات والتحويلات للمعاملات الدولية الحالية وممارسات العملات المتعددة.
واعتبر بورتر أن تنفيذ السياسة الصارمة، بما في ذلك المزيد من الانضباط المالي، وسعر الصرف المحدد من قبل السوق، والمزيد من التقدم في الإصلاحات، لا سيما في قطاع الطاقة، هو المفتاح للتغلب على التحديات الحالية في باكستان. وذكرت «بلومبرغ» الجمعة أن السندات الدولارية الباكستانية المستحقة في 2024 ارتفعت يوم الجمعة في التعاملات الآسيوية، مع مكاسب للعملة المحلية بـ2.6 في المائة إلى حوالي 65 سنتاً لكل دولار.
يشار إلى أنَّ الأسواق المحلية مغلقة وتعود للعمل يوم الثلاثاء. وقد سجل معدل التضخم السنوي في باكستان رقماً قياسياً جديداً في مايو (أيار) بلغ حوالي 38 في المائة.
كما انخفض احتياطي باكستان من العملات الأجنبية بنسبة 60 في المائة تقريباً في الأشهر الـ12 الماضية إلى 3.5 مليار دولار، وهو ما حدّ من قدرة الدولة على تمويل الواردات، وأجبر كثيراً من المصانع على تعليق العمليات.
وخلال العام الماضي، انخفضت الروبية الباكستانية أيضا بنحو 40 في المائة مقابل الدولار.