قطارات الليل تعود إلى الواجهة في أوروبا .. نقل تنافسي في مواجهة الطيران

تشهد القطارات الليلية المعروفة ببصمتها الكربونية المنخفضة إقبالا كبيرا هذا الصيف في المحطات الأوروبية، لتصبح مرشحة لتكون وسيلة نقل تنافسية في مواجهة الطيران، لكن بعد عقود من الإهمال وقلة الاستثمار، قد تواجه الركاب والمشغلين صعوبات كثيرة.

ويفضل كثر في فيينا مثلا أخذ القطار الليلي بدافع من قلقهم من مدى التلوث الذي تسببه الطائرات، ولاقتناعهم بحسنات البطء، وفقا لـ”الفرنسية”.

وتشكل المسألة المناخية حجة إضافية، على ما لاحظت أستريد ريتر (27 عاما) المتوجهة من العاصمة النمساوية إلى زيورخ السويسرية. وقالت إنها تحب “الاستيقاظ في بلد مختلف، والاستمتاع بالمناظر الطبيعية، وتناول الفطور في القطار”.

والخط بين المدينتين هو واحد من 20 وجهة للقطارات الليلية من شركة “أو بي بي” النمساوية الرائدة في أوروبا في هذا المجال، والتي حذت حذوها في تسيير رحلات في هذا التوقيت شركات سكك حديد وطنية أخرى وأخرى حديثة.

ففي وقت كانت دول أخرى تقلص قدراتها التشغيلية بفعل منافسة الرحلات الجوية منخفضة التكلفة والقطارات عالية السرعة، اتخذت النمسا التي تتمتع بموقع مثالي في قلب أوروبا الخيار المعاكس.

وقال الناطق باسم “أو بي بي” برنارد ريدر إن الشركة العامة ترددت في الاستثمار في هذا المجال عندما لاحظت التراجع الذي تشهده نقاط أخرى في أوروبا الغربية، لكنها مضت قدما 2018 في هذه الخطوة التي تستند فيها إلى “تاريخ عريق”.

واتضح أن هذا الاستثمار الذي خصصت له الشركة مئات الملايين من اليوروهات رهان رابح. فحال الطوارئ البيئية جعلت القطارات الليلية مطلوبة جدا، إذ تجذب نحو مليون ونصف المليون مسافر سنويا.

وفي فرنسا، أعادت شركة “إس إن سي إف” العمل برحلاتها الليلية 2021، بعدما أهملتها مدة طويلة، على أن يبلغ عدد خطوطها عشرة في 2030، ومنها باريس-برلين في نهاية العام الجاري.

إلا أن المشكلة التي برزت هي أن عربات القطارات متقادمة وأن شبكة السكك الحديد في الأغلب ما تتعطل ليلا بسبب الأشغال وحركة قطارات الشحن، وهي جملة عوامل تسبب تأخير مواعيد الرحلات.
وأقر ريدر بأن الجودة “لا تتوافق كل يوم مع ما تود الشركة توفيره لزبائنها”.
وأوصت الشركة على طلبية تضم 33 قطارا جديدا، واعدة بتصميم حديث ودش للاستحمام في كل مقصورة. لكن التسليم تأخر لأن “المصنعين اضطروا للبدء من الصفر بعد أكثر من 25 عاما من الندرة”.

قطارات الليل

واعتبارا من كانون الأول (ديسمبر) المقبل، توضع في الخدمة تدريجا العربات الجديدة التي صممتها شركة “سيمنز” وتوفر كل أسباب الراحة.
وأوضح كريس إنجلسمان، المؤسس المشارك لشركة “يوروبيانز سليبر” البلجيكية الهولندية التي دشنت خطا بين برلين وبروكسل في أيار (مايو)، أن عربات السكك الحديد “المتقادمة” هي المشكلة الرئيسة.

وشرح أن “المعايير الحديثة لا تتوافر في القطار”. وأضاف “لدينا في بعض الأحيان أعطال أو مراحيض غبر قابلة للاستخدام أو مشكلات كهربائية”.
وفي ضوء هذا الواقع، فضلت شركة “ميدنايت ترينز” الفرنسية الناشئة إقامة شراكة مع شركة مصنعة للبدء بمعدات جديدة، بهدف إعادة إطلاق خط باريس-ميلانو-البندقية الشهير في 2025.

وخطرت الفكرة لأدريان أومونت عندما قررت شريكة حياته “عدم السفر بالطائرة مجددا”. وقال “أدركت أن السفر في أوروبا يكاد يكون مستحيلا، إذ بات المطلوب من الناس تغيير عاداتهم، ولكن دون تقديم حلول لهم”.

ويرغب المستثمر الشاب في صيغة جديدة للقطار الليلي لجعله وسيلة نقل تنافسية في مواجهة الطيران.
ففي الوقت الراهن، من الصعب فعلا منافسة الأسعار “المنخفضة جدا” لبعض الرحلات الجوية، بحسب تقرير أصدرته أخيرا منظمة “جرينبيس” غير الحكومية، بينما يستفيد القطاع من الإعانات والإعفاءات الضريبية، ولا سيما على الكيروسين.

أما قطاع النقل بالسكك الحديد فيخضع لمختلف الضرائب والرسوم، خصوصا لجهة استخدام البنى التحتية، على ما شرح فيليب كوسوك من مركز الأبحاث الألماني “أغورا”.

ووصف الخبير تسيير قطارات ليلية بأنه معقد ومكلف، معربا عن أسفه لهذه “المنافسة غير العادلة” بين سكك الحديد والنقل الجوي، في حين أن المطلوب هو الحد من رحلات الطائرات لتأثيرها في ظاهرة الاحترار المناخي.

أوروبارحلاتقطار
Comments (0)
Add Comment