بعد عام على دخوله داونينج ستريت، لا تشكل النتائج التي سجلها ريشي سوناك رئيس الوزراء البريطاني مدعاة للاحتفال، فيما تبدو الانتخابات التشريعية المقررة العام المقبل صعبة للغاية لحزب المحافظين.
تولى المصرفي السابق البالغ 43 عاما السلطة في 25 أكتوبر 2022 بعد 49 يوما كارثية أمضتها ليز تراس في رئاسة الحكومة قبل أن تضطر إلى الاستقالة، بعدما أثارت بلبلة في الأسواق مع وعودها بخفض الضرائب من دون تحديد مصادر تمويل لتعويضها. وكانت تراس قد خلفت بوريس جونسون الذي استقال في يوليو 2022 بعد سلسلة من الفضائح، من بينها حفلات أقيمت في مقر رئاسة الحكومة خالفت إجراءات الإغلاق والتباعد الاجتماعي المعتمدة لمكافحة جائحة كوفيد.
وأكد ديفيد جيفيري الأستاذ المحاضر في العلوم السياسية في جامعة ليفربول أن جهود ريشي سوناك لاستعادة زمام المبادرة “ليست كافية بتاتا”.
في يناير الماضي، عرض ريشي سوناك أولويات ولايته الخمس، من بينها خفض التضخم إلى النصف، وإنعاش الاقتصاد، ومنع مراكب المهاجرين من عبور المانش انطلاقا من فرنسا.
وبعد عام على ذلك، تراجع مستوى التضخم لكنه يبقى عند 6.7 في المائة ولا يزال النمو منخفضا، فيما وصل أكثر من 26 ألف مهاجر إلى السواحل الإنجليزية منذ يناير 2023 في مقابل 46 ألفا العام الماضي.
ورأى يفيد جيفيري أن سوناك بات رهينة وعوده، بحسب “الفرنسية”.
ودفع ذلك رئيس الوزراء إلى تغيير استراتيجيته خلال الخريف مقدما نفسه على أنه مرشح التغيير في وجه كير ستارمر المرشح العمالي، مع أن المحافظين يتولون السلطة منذ 13 عاما.
دافع بقوة عن السائقين وتراجع عن بعض السياسات المراعية للبيئة. وأكد خلال المؤتمر العام للحزب التخلي عن بناء جزء من خط مكلف جدا للقطارات السريعة.
سوناك
ورغم هذه الإعلانات، تراجعت شعبية ريشي سوناك إلى أدنى مستوى لها الشهر الماضي. وأظهر استطلاع للرأي نشرت نتائجه الأسبوع الماضي أن العماليين يتقدمون 12 نقطة على المحافظين.
ورأى بايل خبير الشؤون السياسية في جامعة كوين ماري في لندن “يبدو انهم استنفدوا كل ذخائرهم”.
وبات رئيس الوزراء يعول على تحسن في الوضع الاقتصادي، من شأنه أن يعطي بعض الدعم للبريطانيين الذين يعانون منذ أشهر أزمة غلاء معيشة حادة.
وتفيد بيانات نشرت الأربعاء أن تحسن الأجور تجاوز التضخم للمرة الأولى منذ نحو عامين في المملكة المتحدة، ما يشكل بارقة أمل للحكومة.
ويتوقع خبراء أن يكثف ريشي سوناك من هجماته الشخصية على كير ستارمر.
لكن تيم بايل رأى أن الناخبين حسموا خيارهم من الآن “وهم يريدون ببساطة التغيير، ولا يجسد لا هو ولا هم (المحافظون) ذلك”.
وقال تيم بايل صاحب كتاب حول اليمين المحافظ منذ خروج المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي “كلما رأى الناس أداء سوناك، تراجع تأييدهم له. فهو لا يجسد السلطة فعلا ولا يعطي بالضرورة الانطباع بأنه يسيطر على مجرى الأحداث”.
ومنذ توليه السلطة، أتت نكسات عدة في انتخابات فرعية أمام المعارضة العمالية لتبرز الصعوبات التي يواجهها ريشي سوناك في تلميع صورة حزبه الحاكم منذ 13 عاما. من جانبه، رأى ريتشارد هايتون الخبير في الشؤون السياسية البريطانية أن ريشي سوناك “هدأ الصراعات الداخلية” في صفوف المحافظين و”أسهم في إعادة بعض الهيبة” لمنصب رئيس الوزراء.