في ظل استمرار التغيرات المناخية وقلة تساقط الأمطار، تعاني تونس من أزمة مياه حادة حيث بلغ منسوب المياه في السدود إلى 22% فقط. ورغم اقتراب نهاية شهر نوفمبر، لم تشهد البلاد حتى الآن أي هطول للأمطار، مما دفع معظم المحافظات إلى تعليق منظومة الري العمومي للحفاظ على ما تبقى من مخزون المياه
تونس وأزمة المياه: هل يمكن تحقيق التوازن بين الاستدامة الزراعية والتحديات المائية؟
وأعلنت وزارة الزراعة في نهاية سبتمبر الماضي تمديد تنفيذ نظام الحصص في توزيع مياه الشرب بهدف التقشف. وتعاني المحافظات الكبرى في تونس، مثل صفاقس وقفصة ونابل وسوسة، من نقص في التزويد بالمياه منذ يوليو الماضي بسبب تناقص منسوب المياه في السدود.
رئيس ديوان وزير الزراعة التونسي، عبدالرؤوف العجيمي، أكد أن الوزارة تعمل على تنفيذ استراتيجية جديدة للمحافظة على الموارد الطبيعية، مشيرًا إلى أنهم يعملون على إيجاد موارد غير تقليدية لمجابهة الشح المائي والتغيرات المناخية. وأوضح أن هذه الاستراتيجية تتضمن تحلية مياه البحر واستغلال المياه المعالجة، مشيرًا إلى قرب انطلاق محطتي صفاقس وجربة، إضافة إلى مشاريع أخرى لتحلية المياه الجوفية.
وتشير التوقعات إلى أن كمية المياه المحلاة من محطات تحلية مياه البحر ستزيد من 15 مليون متر مكعب سنويًا إلى 300 مليون متر مكعب بحلول عام 2050 مع زيادة عدد محطات التحلية.
تحذيرات
وبسبب انحباس الأمطار انطلقت السلطات التونسية في إيجاد حلول لمختلف المحافظات التونسية من أجل إنقاذ التونسيين من العطش وإنقاذ أمنهم الغذائي.
وبسبب حالة الجفاف، أصدرت الإدارة التابعة لوزارة الزراعة بمحافظة نابل شمال شرقي تونس بلاغا دعت فيه الفلاحين مستخدمي منظومة الري العمومي لتفادي زراعة الخضر الورقية والقرعية ولعدم زراعة الطماطم وعدم إبرام عقود إنتاج مع مصانع تحويل الطماطم. وتأتي هذه الدعوة على خلفية تراجع منسوب المياه بالسدود المزودة لمحافظة نابل بمياه الري للمساحات المزروعة.
كما أكد المسؤول المحلي للزراعة بمحافظة سوسة الساحلية محمّد العبيدي أنه يتم حاليا إعداد خطة عمل لتأمين التزود بالماء الصالح للشرب تحسبا لتواصل انحباس الأمطار وتوقف جلب مياه الشمال عبر وضع بعض الآبار العمومية لربطها بشبكة الشركة الوطنية لتوزيع المياه (حكومية) والشروع في استغلالها في إطار تعبئة موارد الشركة.
وأكد أنه في حال توقّف جلب المياه من الشمال سيتم التعويل على المياه الجوفية بالمحافظة، وكذلك المياه الجوفيّة المحولة من خارجها، كما سيتم تركيز حنفيات عمومية بالعدد الكافي حول مواقع الخزانات بمختلف المدن بالمحافظة عند الضرورة.
وأكد أن محافظة سوسة تتزوّد بأكثر من 86% من المياه الصالحة للشرب من خارج المحافظة بسبب التدنّي غير المسبوق لمخزون السدود الذي بلغ حوالي 23% بحكم تواصل انحباس الأمطار فضلا عن هبوط منسوب المياه الجوفيّة وارتفاع في درجة الملوحة.
وسُوسَة هي محافظة تونسية، تقع على بعد 140 كم جنوب العاصمة، وتقع وسط السواحل الشرقية لتونس. وتستمد محافظتا سوسة ونابل والعاصمة مياه الشرب من سد سيدي سالم الذي يُعد أكبر السدود بتونس.
من جهة أخرى، أصدرت الإدارة التابعة لوزارة الزراعة بمحافظة سليانة شمال غربي البلاد بلاغا يدعو إلى قطع مياه الري من سدّ “الأخماس”، إثر نفاد كمية مياه الري المخصّصة لزراعة الحبوب والمقدرة بـ300 ألف مكعب.
وانطلقت تونس منذ شهر نوفمبر/تشرين الثاني الجاري في بذر المساحات الزراعية المخصصة للبذور، لكن بنسق منخفض للغاية بسبب عدم تساقط الأمطار.