سجل التضخم ارتفاعًا طفيفًا في نوفمبر إلى 1.7 % على أساس سنوي. يأتي هذا الرقم بالرغم من استمرار الجهود الحكومية للتصدي للتضخم وتحقيق استقرار اقتصادي
تظل هذه الزيادة قرب أدنى مستوى للتضخم منذ عامين، حيث سجل الشهر الماضي 1.6 %، وهو نفس المعدل الذي تم تسجيله في فبراير من العام الماضي. يعد هذا المستوى أقل من المستهدف العالمي للتضخم البالغ 2 في المائة ومن بين الأقل بين دول مجموعة العشرين.
ارتفعت أسعار السكن والمياه والكهرباء والغاز، إلى جانب بعض أنواع الوقود الأخرى والأغذية والمشروبات، مما ساهم في ارتفاع معدل التضخم خلال نوفمبر.
فيما تعاني الاقتصادات العالمية من التحديات الاقتصادية المتعلقة بالطلب والعرض، تأثرت معدلات التضخم في المملكة خلال عام 2023 بعدة عوامل، منها تحسن الاستهلاك المحلي والتأثيرات الجانبية للحرب الروسية – الأوكرانية.
وعلى الرغم من استمرار ارتفاع أسعار الفائدة منذ عام 2022، تمكنت السياسات المالية والنقدية في السعودية من تحقيق استقرار نسبي في معدل التضخم. تبوأت الإجراءات الاحترازية دورًا كبيرًا، حيث أقرت الحكومة سقفًا على أسعار بعض المشتقات النفطية، مما أسهم في احتواء التضخم وتقليل تأثير ارتفاع الأسعار.
أكدت وزارة المالية في المملكة العربية السعودية توقعاتها بتحقيق تحسن في معدلات التضخم خلال السنوات القادمة. وفقًا للتوقعات، من المتوقع أن يسجل معدل التضخم 2.6 % في عام 2023، ليتباطأ إلى 2.2 % في عام 2024.
وفي سياق متصل، أكدت الهيئة العامة للإحصاء في نشرتها الشهرية يوم الخميس، ارتفاع الإيجارات الفعلية للمساكن، حيث سجلت زيادة قدرها 9.4 % في نوفمبر. وتشير البيانات إلى ارتفاع أسعار إيجارات الشقق بنسبة 12.8 %.
من ناحية أخرى، سُجل ارتفاعٌ بنسبة 1.4 % في أسعار الأغذية والمشروبات، حيث شهدت أسعار الحليب ومنتجاته والبيض ارتفاعًا. في المقابل، شهدت أسعار الملابس والأحذية انخفاضًا بنسبة 4.1 %، ويرجع ذلك إلى انخفاض أسعار الملابس الجاهزة.
التغيير الشهري
أعلنت الهيئة العامة للإحصاء اليوم عن تحديث مؤشرات التضخم الشهري لشهر نوفمبر، حيث سجل المعدل 0.2 في المائة بالمقارنة مع مستواه في الشهر السابق.
أظهرت البيانات أن قسم السكن والمياه والكهرباء والغاز وأنواع الوقود الأخرى ارتفع بنسبة 1.3 %، والذي تأثر بشكل كبير بارتفاع أسعار الإيجارات الفعلية للسكن بنسبة 1.7 %.
وشهدت قطاعات أخرى ارتفاعات طفيفة، حيث ارتفع قسم المطاعم والفنادق بنسبة 0.6 %، والسلع والخدمات الشخصية المتنوعة بنسبة 0.2 %، في حين ارتفعت أسعار التبغ بنسبة 0.1 %.
على الجانب الآخر، شهدت بعض القطاعات انخفاضات، حيث انخفضت أسعار قسم الأغذية والمشروبات بنسبة 0.1 %، والنقل بنسبة 0.6 %، وتأثيث وتجهيزات المنزل بنسبة 0.5 %. وشهد قسم الملابس والأحذية انخفاضًا بنسبة 0.7 %.
ومن بين القطاعات الأخرى التي شهدت انخفاضًا على أساس شهري، قسم الترفيه والثقافة بنسبة 0.9 %، وقسم الاتصالات بنسبة 0.3 %، وقسم الصحة بنسبة 0.2 %.
التنمية المستدامة
في تحليل للوضع الاقتصادي الحالي في المملكة العربية السعودية، يشير خبراء اقتصاديون إلى أن الحكومة تظل سيدة الموقف في تحكمها الفعّال على معدل التضخم، حيث نجحت في الحفاظ على هذا المعدل عند أدنى مستوياته. يرجع الخبراء هذا النجاح إلى الإجراءات والتدابير الاحترازية التي اتخذتها الحكومة لمواجهة تحديات التضخم العالمي.
وفي حديثه لـ”الشرق الأوسط”، أكد الخبير الاقتصادي أحمد الجبير أن المملكة اعتمدت سياسة اقتصادية توسعية استباقية، تمكنت بفضلها من دعم التنمية المستدامة. وأشار إلى أن المعدل المنخفض للتضخم يمنح الحكومة مرونة أكبر لاستخدام سياسات اقتصادية فعّالة تعزز النمو الاقتصادي.
وأوضح الجبير أن السعودية اتخذت خطوات استباقية لتخفيف تأثير ارتفاع الأسعار في ظل التحديات العالمية. وأكد أن الحكومة قامت بتحديد سقف أعلى لأسعار الوقود، وقامت بتخصيص دعم مالي بمبلغ إجمالي قدره 20 مليار ريال لمواجهة تداعيات ارتفاع الأسعار العالمي، وقد أسفرت هذه الإجراءات عن تحقيق أدنى معدل للتضخم على الصعيدين المحلي والعالمي.
المشاريع التوسعية
أكد خبير الاقتصاديات الدولية المستشار علي محمد الحازمي في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن نسبة التضخم المعلنة في المملكة العربية السعودية تظل إيجابية وتمثل أدنى مستوى مقارنةً بالاقتصادات الدولية الأخرى، وتقل عن المستهدف العالمي البالغ 2 في المائة.
وأشار الحازمي إلى أن هذا المعدل يمنح المملكة مرونة أكبر في تنفيذ سياسات اقتصادية توسعية تدعم التنمية المستدامة الشاملة، كما يفتح أبواب التمويل الدولي لدعم المشاريع الرئيسية في البنية التحتية والمشاريع الحيوية.
وفي تعليقه على تصريحات وزير المالية محمد الجدعان، أكد الحازمي أن الحكومة تعتزم استدانة 11 مليار دولار لدعم المشاريع التوسعية، مما سيسهم في زيادة السيولة في الاقتصاد السعودي وتحقيق توازن اقتصادي في عمليات الإنفاق الحكومي.