في إطار “عام الاستدامة” في دولة الإمارات، تم الإعلان والإطلاق عن مجموعة من المبادرات والإنجازات خلال عام 2023، مما جعلها ركيزة أساسية للتنمية المستدامة في البلاد ومنصة رائدة لتعزيز الجهود الدولية في مواجهة التحديات المتعلقة بتغير المناخ، وتحقيق الهدف العالمي لتحقيق الحياد المناخي بحلول عام 2050
الإمارات تتصدر في الاستدامة من خلال الطاقة النووية.
وفي هذا السياق، استمر البرنامج النووي السلمي الإماراتي في تحقيق إنجازات استثنائية، حيث لعب دوراً محورياً في تسريع عمليات خفض البصمة الكربونية، ودعم المسيرة نحو مصادر الطاقة النظيفة، مما أدى إلى تعزيز الدور الريادي للإمارات في هذا المجال على الساحة العالمية.
وتشهد الإمارات تطورًا ملحوظًا في قطاع الطاقة النووية خلال هذا العام، بدءًا من إعلان مؤسسة الإمارات للطاقة النووية في فبراير عن بدء التشغيل التجاري للمحطة الثالثة في مجمع براكة للطاقة النووية السلمية في منطقة الظفرة بإمارة أبوظبي. يُسلط هذا الإعلان الضوء على دور المحطات كأكبر مساهم في خفض البصمة الكربونية في المنطقة، حيث تنتج ما يصل إلى 4200 ميغاوات من الكهرباء الخالية من الانبعاثات الكربونية، بهدف دعم النمو الاقتصادي المستدام في الإمارات.
وفي إطار تعزيز الإمارات مكانتها الريادية على الصعيد الدولي في قطاع الطاقة النووية، تم اختيار محمد الحمادي، العضو المنتدب والرئيس التنفيذي لمؤسسة الإمارات للطاقة النووية، رئيسًا جديدًا لمجلس إدارة المنظمة النووية العالمية في مايو الماضي. يعتبر الحمادي أول إماراتي وأول عربي يتسلم هذا المنصب، ومن المتوقع أن يبدأ تأثيره في عام 2024. يُعد هذا الإنجاز الدولي الثاني للإمارات في القطاع النووي بعد تعيين الحمادي رئيسًا للمنظمة الدولية للمشغلين النوويين.
في يوليو، سجلت شركة براكة الأولى، التابعة لمؤسسة الإمارات للطاقة النووية والمسؤولة عن الجوانب المالية والتجارية لمحطات براكة، إنجازًا هامًا من خلال إتمام عملية إعادة تمويل لمحطات براكة. تمت هذه العملية بالتعاون مع مؤسسات مالية إماراتية، حيث تم تسديد الرصيد المستحق بالكامل بموجب تسهيلات قرض من بنك التصدير والاستيراد الكوري، من خلال تسهيلات قرض جديدة تم تمويلها من بنك أبوظبي التجاري وبنك أبوظبي الأول. يسلط هذا الإنجاز الضوء على الثقة الكبيرة في مشروع محطات براكة، ويبرز عوائد المحطات الاقتصادية الجديدة لدولة الإمارات، بالإضافة إلى الفوائد الاقتصادية المتعلقة بتطوير سلسلة الإمداد المحلية وتوفير فرص عمل للمواطنين.
وعلى هامش اجتماع مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ (COP28) في دبي، أعلنت المؤسسة والمنظمة النووية العالمية في سبتمبر الماضي عن إطلاق مبادرة “الطاقة النووية من أجل الحياد المناخي”. تشمل هذه المبادرة دعوة القادة وصناع القرار لمضاعفة استخدام الطاقة النووية ثلاث مرات بحلول عام 2050، بهدف تحقيق الهدف العالمي للوصول إلى الحياد المناخي بحلول ذلك العام.
في اليوم الثالث من مؤتمر COP28، وأعلنت 22 دولة تعهدها بمضاعفة القدرة الإنتاجية للطاقة النووية ثلاث مرات بحلول عام 2050، وقد تحققت هذه الخطوة ضمن إطار المبادرة الرائدة التي أطلقتها المؤسسة. وفي إطار هذه المبادرة، توصلت هذه الدول إلى اتفاق حاسم حول أهمية زيادة الاستثمارات في مجال الطاقة النووية، بهدف خفض الانبعاثات الكربونية وتسريع جهود تقليل البصمة الكربونية للصناعات الثقيلة.
وفي نفس الشهر، أعلنت المؤسسة عن خطة طموحة لتقليل البصمة الكربونية لجميع أنشطتها وشركاتها التابعة في موقع محطات براكة. جاء هذا الإعلان بالتعاون مع مختبر إيداهو الوطني التابع لوزارة الطاقة الأميركية، حيث تشمل الخطة وضع مسار استراتيجي يمكن المؤسسة من تحقيق الهدف المناخي للحياد الكربوني باستخدام التكنولوجيا المتقدمة.
في السياق نفسه، شهدت فترة انعقاد مؤتمر COP28 وإطلاق فرع الشرق الأوسط لمنظمة المرأة في الطاقة النووية، برئاسة إماراتية، لتكون هذه الخطوة متماشيةً مع أهداف المؤتمر المتعلقة بتعزيز المساواة بين الجنسين في مجال الاستدامة وتطوير استراتيجيات خفض البصمة الكربونية. يأتي هذا الإطلاق في إطار التزام المؤسسة المستمر بتعزيز تطوير قدرات ومهارات النساء للمشاركة بشكل رئيسي في مجالات العلوم والهندسة والتكنولوجيا النووية، خاصة بعد أداء كفاءات نسائية دورًا مهمًا في الابتكار وتشكيل مصدر إلهام للشابات من خلال مشاركتهن في البرنامج النووي السلمي الإماراتي.
وفي سياق تحقيق أهداف البرنامج النووي السلمي الإماراتي بشكل أوسع وأكثر شمولًا، قامت المؤسسة باتخاذ خطوات هامة، حيث وقعت عدة مذكرات تفاهم خلال مؤتمر COP28 مع شركات متخصصة حول العالم. تهدف هذه المذكرات إلى استكشاف فرص التعاون المشترك في تطوير التقنيات المتقدمة في قطاع الطاقة النووية ضمن إطار البرنامج المتقدم لتقنيات الطاقة النووية. يهدف هذا التعاون إلى دعم الصناعات الثقيلة والقطاعات التي تتطلب كميات ضخمة من الطاقة.
وفي ختام عام 2023، أعلنت مؤسسة الإمارات للطاقة النووية عن إتمام عملية تحميل الوقود في مفاعل المحطة الرابعة في براكة. تم تنفيذ هذه العملية وفقًا لمتطلبات اللوائح المحلية وأعلى المعايير العالمية، وتُعد هذه الخطوة الهامة خطوة نحو التشغيل الكامل لجميع محطات براكة الأربع. يُعتبر براكة أكبر مساهم في تقليل البصمة الكربونية وأكبر مصدر فريد للكهرباء النظيفة في المنطقة.