ولنا في اللقاء رأي

ولنا في اللقاء رأي

ولنا في اللقاء رأي..

بقلم د يسري الشرقاوي مستشار الإستثمار الدولي ورئيس جمعية رجال الأعمال المصريين الأفارقة

وكالة أنباء و أخبار اقتصادية | سعر صرف العملات | البورصة و أسواق المال

مما لاشك فيه ان اي حدث تكون لهُ جوانب متعددة ، منها ما هو ايجابي ومنها ما هو سلبي ، والايجابيات معروف وملخصها ان لا يوجد عاقلاً يمكن ان يرفض اي حالة حوار” حوار – وليس استماع فقط” ، لاسيما عندما يكون الحوار بين شخصية كبيرة ذات ثقل في الدولة المصرية وعلى رأس الجهاز الحكومي ، وبين قلة محترمة من رموز مجتمع القطاع الخاص “المال والأعمال” لهم ما لهم وعليهم ما عليهم ،، والحوار في المجمل تابعناه بدقة ولنا هذا التعقيب:-

أولاً:
بصفة عامة ، لا أحد بالطبع يكره او يشجب او يدين المصارحة والمكاشفة والمواجهات الإيجابية ، لكن الطامة الكبري ان يتخيل أحداً ان هذه الجلسة تُعبّر عن “الشفافية ” فهذه ليست “شفافية ” على الإطلاق، وانما حوار على الهواء مباشرة مدته ساعتان ونصف سبقه بيان لوزير الاستثمار على الهواء بمجلس النواب ،، اللقاءان كفيلان بتصفير دخول الاستثمارات الاجنبية او توسيع الإستثمار المحلي لمدة ٥ سنوات قادمة لما عكسوه من حجم سلبيات على مرأى ومسمع العالم بكل طبقاته وفئاته ،من يتسع عقله لفهم المشهد ومن لا تسعفه ثقافته لفهم الموقف .، بل أعطى وعكس ايضا ،وأكد لصندوق النقد الدولي كل أدلته وحججه وأسانيده التي يبحث عنها ويعلمها جيدا في تعاطيه مع الملف المصري.

ثانيا:-
كنت أتمنى لو استطعنا ان يكون هذا الحوار الجاد والفاعل ولا بأس في ذلك وينضم للحوار الوطني وجلسات النواب والشيوخ ،، ونحتاج ان نضبط المعادلة بين الحوارات والأفعال ،، لكن !!! لم أرى من وجهة نظري جانباً واحداً ايجابيا من إذاعته على الهواء مباشرة ، واذا كنا نبحث عن تحقيق الهدف ونتحلي بالواقع العملي فكان من الأفضل ان يتم الحوار والمناقشة لوقت اطول من ذلك وأن يتم طرح الموضوعات والحلول بشكل اعمق من ذلك ولكن دونما اذاعة مباشرة ،، بل كنت أتمنى أن نخرج منه بصورة معبرة وقرارات فاعلة في نفس اليوم وآليات تطبيق وعلاج ناجزة وهنا يتحقق الهدف بشكل افضل.

ثالثا:-
كنت أتمنى لو استطعنا ان تكون رأس الحكومة اكثر جاهزية واستعداداً ، وقارئاً بدقة للملف الاقتصادي وياحبذا لو كان إستعان ببعض معاونيه المميزين الجادين الأكفاء المتخصصين اقتصادياً ، حتى يتمكنوا من الرد والتفنيد لكل نقطة بشكل فني وألا تترك المساحة لتتحول الجلسة إلى جلسة استماع وليس حواراً وحتى لا يتخيل كل متحدث ان كل نقطة اثارها كان محقاً فيها ،، واثباتاً لوجهة نظري ،، دعوني اتوقف عندما تحدث احدهم مغالطاً في رقم الدين الخارجي في محاولة الغرض منها التهويل والتضليل ، فصحح له رأس الحكومة بكل ادب جم ،، وهذا يدلل على ان معظم النقاط المذكورة كانت هناك ردود عليها متقنة وبهدوء .. وللأسف لاحظت على الحوار ان الجميع طرح مشاكل معقدة ومعروفة ولم يطرح واحداً منهم حل تطبيقي عملي وتمسك به،، وكأن الهدف هو اثارة المشكلات التي يعرفها القاصي والداني والطامة الكبري ان يتخيل أحداً ان رأس الحكومة كان يجلس بعد ٦ سنوات في منصبه ولا يعرفها.

رابعاً
أتفهم جيداً ان سعر الفائدة على الإقراض ٣٢٪؜ ليس محفزاً للإستثمار ومعوق بكل تأكيد ، لكن يجب ان يكون الرد هنا حاسم وقاطع ،، يا ايها المستثمر الهمام اين الضخ الاستثماري المباشر منك في استثماراتك “ملأتك المالية” في حال اذا ما اتخذت الدولة اجراء مؤقتا في ظرف زماني قصير لكبح جماح التضخم ، وضبط السياسات النقدية ، وهل في هذه الفترة الزمنية لم تحققوا جميعا في عام ٢٠٢٤ ارباح ٢٠٠و ٣٠٠٪؜ وفق ما اعلنتموه جميعا ؟ وهل لم تستطيع تحقيق مبيعات ٦٠ مليار في أسبوع في مشروع واحد،، (فجزء كبير من القطاع الخاص قد استفاد من فوضى السياسات على مدار عصور واستخدم موارد الدولة ” الأراضي” والعلاقات الخاصة والنفوذ في الحصول على التراخيص ، والعلاقات المصرفية في القروض ) وجزء اساسي من المشهد المرتبك يرمي الكرات المشتعلة تحت اقدام الحكومة ،، ،، حقيقة انا اتفهم ايضا ان الفجوة الدولارية مشكلة كبري وكل المستثمرين على علم بها ،وعلى الدولة العمل علي حلها بكل الطرق غير التقليدية ، لكن ايضا مجتمع القطاع الخاص عليه دور كبير ويجب مواجهته بذلك ، فكم مصدّر يحتجز دولارات خارج مصر ، كم مستثمر تحوّل من تجارة الرمال إلى التصدير او السياحة او الصناعة او الزراعة إلخ ، لابد ان يعلم القطاع الخاص ايضا ان ٩٥٪؜ من هذه الأخطاء هي نتاج شراكات ونسب واصهار مع حكومات سابقة وحالية وعلاقات شخصية وتحتاج كلها إلى تصحيح ، طالما احتكمتم للشعب وللخبراء الحقيقيين الذين جلسوا يستمعوا لنشر الغسيل على الملأ !!!

خامساً
كنت أتمنى ان يكون ممثلاً عن السياسات النقدية ، السيد محافظ البنك المركزي ، لأنه ليس من المعقول ان يكون هناك ممثلين عن السياسة النقدية اسماء كبيرة وقامات نجلها ونحترمها ونقدرها على رأس هرم بعض البنوك الكبرى ، لكن من وجهة نظري ان تصريح أحدهم وذكره لأرقام خاصة بخروج شركات واستخراج تراخيص في إحدى الدول الشقيقة هو تصريح غير موفق على الإطلاق ، لأنه هو ليس الجهة المنوطة برصد هذه الأرقام ودقتها ، أرى ان هذا التصريح صدر في غير محلة وخارج نطاق الاختصاص مما يؤكد بان اي دفع في هذا الرقم دون مرجعية يؤدي لإسقاطه ، كذلك الحال كان من الأحرى ان يكون حديثة حول العلاجات النقدية، التدبير الدولاري والحصيلة الدولارية ومخالفات بعص نماذج القطاع الخاص ،، والمشاكل والتحديات الذي يواجهها مع كبار المستثمرين في الاقراض ؟ لأن هذه الحوارات لابد ان تكون مواجهات واضحة ، كان بالأحرى ان يرصد لنا اسباب التعثر للمشاريع وحجم محافظ الائتمان المتعثرة، وكم مقترض قطاع خاص “نصب” على البنوك وعليه تعثر واقام الأفراح والليالي الملاح بالمليارات !!! حقيقة لم أُعجب بهذه المداخلة،، وهو لايقدر على اخراج التقارير المذكورة خوفاً على كرسيه من قوى الرأسمالية التي كشرت عن انيابها.

سادتي
عودا إلى ذي بدء ،، الحكومة تواجه العديد من المشكلات والتحديات الخارجية والعديد من الانتقادات ، ومما لاشك فيه ان السياسات الإقتصادية الشاملة والإجراءات الإقتصادية المتكاملة ( الاستثمار- التجارة الدولية – الصناعة – الزراعة – الضرائب – الجمارك – البنوك) ،،كلها في حالة ماسة لاعادة هيكلة وقرارات نافذة ورجال تُحرك الماء الراكد وتقلب وتغير الحال وتحرك عجلة العمل ، وكل ما ذكروه السادة الأفاضل ذُكِرَ في حوارات اعلامية وصحفية وأُرْسِلَ به مقترحات وحلول تطبيقية،، إلا ان الهيكل الإداري الحكومي ولوائح العمل والواسطة والمحسوبية وغياب الردع والعقاب وتعارض المصالح والفساد الإداري وعدم اكتمال ٢٠٪؜ فقط من الحكومة الإلكترونية وضعف نقاوة التقارير الرقابية وتضليل متخذي القرار ،، كلها امراض وراء كل ما ظهر في اي لقاء سواء في لقاء امس او اللقاءات المتعاقبة ،، لدي في هذا الشأن وهذا التعقيب على اللقاء كثير لكنني سأكتفي اليوم بهذا القدر .

دكتور يسري الشرقاوي
Comments (0)
Add Comment