تقرير الوظائف الأميركية يضع «الفيدرالي» أمام خيارات صعبة

تتجه الأنظار نحو إصدار تقرير الوظائف الأميركية لشهر أغسطس (آب)، الذي من المتوقع أن يقدِّم رؤى حاسمة حول صحة سوق العمل وسط حالة من عدم اليقين الاقتصادي. ومن المرجَّح أن تلعب هذه البيانات دوراً كبيراً في تشكيل قرارات سياسة «الاحتياطي الفيدرالي» في اجتماعه المقبل بشهر سبتمبر (أيلول)، لا سيما في ظل الإشارات المتضاربة من المؤشرات الاقتصادية الأخرى.

تقرير الوظائف الأميركية يضع «الفيدرالي» أمام خيارات صعبة

تباطؤ غير مسبوق في التوظيف

يعدّ تقرير الوظائف غير الزراعية (Non-farm payrolls) مؤشراً رئيسياً يؤثر على السياسة النقدية والتوقعات الاقتصادية واستراتيجيات الاستثمار. وفي الوقت الذي يواصل فيه «الاحتياطي الفيدرالي» الموازنة بين مخاطر ضعف سوق العمل واستمرار التضخم، ستكون البيانات المرتقبة ذات أهمية قصوى. وتشير التوقعات الاقتصادية إلى تباطؤ في نمو الوظائف، مع توقعات بإضافة نحو 75 ألف وظيفة جديدة فقط في أغسطس، وارتفاع معدل البطالة إلى 4.3 في المائة. وإذا تحقَّقت هذه الأرقام، فسيكون هذا هو الشهر الرابع على التوالي الذي يكون فيه نمو الوظائف أقل من 100 ألف، وهو ما لم يحدث منذ الأيام الأولى لجائحة «كورونا» في عام 2020.

العوامل المؤثرة وتداعياتها

تؤثر عوامل عدة على المشهد الحالي للتوظيف. فقد أصبحت الشركات أكثر حذراً في التوظيف؛ بسبب ارتفاع التكاليف، مثل التعريفات الجمركية ورسوم الاستيراد. وقد أدى ذلك إلى انخفاض في عدد الوظائف الشاغرة، خصوصاً في القطاعات المعرضة للتبادلات التجارية مثل التصنيع وتجارة الجملة، حيث تواجه الشركات خياراً بين تحمل تكاليف التعريفات أو خفض النفقات، بما في ذلك العمالة. وعلى الرغم من هذه التحديات، فإن قطاعات مثل الرعاية الصحية والمساعدة الاجتماعية تواصل دفع نمو الوظائف؛ بسبب الطلب المستمر الناتج عن ازدياد أعداد السكان المسنين.

قرارات صعبة أمام «الفيدرالي»

يراقب «الاحتياطي الفيدرالي» سوق العمل من كثب، حيث يتعيَّن عليه أن يوازن بين ضغوط التضخم وبيانات التوظيف. ويدعو بعض المسؤولين إلى توخي الحذر نظراً إلى الارتفاع التدريجي في التضخم، بينما يرى آخرون، مثل المحافظ كريستوفر والر، أن هناك حاجة لخفض سعر الفائدة لتحفيز التوظيف. ومن المتوقع أن يقدم «الكتاب البيج (The Beige Book)»، الذي سيصدر بالتزامن مع تقرير الوظائف، رؤى إضافية حول الظروف الاقتصادية، مما يساعد البنك المركزي في تحديد موقفه المناسب.

توقعات الأسواق

من المرجح أن يؤثر إصدار تقرير الوظائف غير الزراعية على مختلف فئات الأصول. وقد تستجيب عوائد سندات الخزانة للتحولات في التوقعات بشأن قرارات أسعار الفائدة. ومن المحتمل أن تشهد أسواق الأسهم تقلبات بناءً على ما يُفهم من صحة الاقتصاد. وينصح المحللون المستثمرين بالتركيز على استراتيجيات خاصة بقطاعات معينة، مثل التكنولوجيا والرعاية الصحية، التي تُظهر مرونة أقل تأثراً بضغوط التعريفات الجمركية.

في الختام، يُنتظر أن يكشف تقرير الوظائف عن معلومات حاسمة حول سوق العمل الأميركية، مع توقعات تشير إلى نمو متواضع في الوظائف وارتفاع طفيف في معدل البطالة. وستكون لهذه البيانات تداعيات كبيرة على قرارات الفيدرالي، وثقة المستثمرين، والتوقعات الاقتصادية الأوسع. ومع ترقب الأسواق لهذا الإصدار الرئيسي، ستتحول الأنظار أيضاً إلى بيانات مقبلة، مثل مسوح مديري المشتريات (ISM) للتصنيع والخدمات، التي ستزيد من إلقاء الضوء على الاتجاهات الاقتصادية.

أمريكاالاحتياطي الفيدراليالاقتصاد الأمريكيترامبسوق العمل
Comments (0)
Add Comment