حثّ وزير الخزانة الأميركي، سكوت بيسنت، الحكومة اليابانية، الأربعاء، على منح البنك المركزي الياباني مجالاً لتحريك أسعار الفائدة، مصعّداً بذلك تحذيره لطوكيو من إبقاء الين ضعيفاً للغاية عبر تكاليف اقتراض منخفضة لفترة طويلة.
وانخفض الدولار بنسبة 0.3 في المائة إلى 151.59 ين بعد هذه التعليقات التي أعادت إحياء توقعات السوق برفع أسعار الفائدة على المدى القريب من قِبل بنك اليابان.
وقال بيسنت في منشور على موقع «إكس» حول اجتماعه مع وزير المالية الياباني ساتسوكي كاتاياما، يوم الاثنين: «أشعر بالتفاؤل إزاء فهمها العميق لكيفية انتقال (آبينوميكس) من سياسة إنعاشية بحتة إلى برنامج يوازن بين النمو والمخاوف التضخمية لمواطني اليابان».
وأضاف: «إن استعداد الحكومة لمنح بنك اليابان مساحة للتحرك في السياسة النقدية سيكون عاملاً أساسياً في ترسيخ توقعات التضخم، وتجنب التقلبات المفرطة في أسعار الصرف»، وفق «رويترز».
تأتي هذه التعليقات قبل اجتماع بنك اليابان الذي يستمر يومين وينتهي يوم الخميس؛ حيث تتوقع الأسواق على نطاق واسع أن يُؤجل البنك المركزي رفع أسعار الفائدة. كما جاءت هذه التصريحات عقب بيان صدر يوم الثلاثاء، دعا فيه بيسنت إلى «سياسة نقدية سليمة» في اليابان لتثبيت توقعات التضخم.
وصرحت ماري إيواشيتا، الخبيرة الاستراتيجية التنفيذية لأسعار الفائدة في شركة «نومورا» للأوراق المالية: «ربما شعر بيسنت بأنه لولا ضغطه لكان بإمكان بنك اليابان الاستمرار في تأجيل رفع أسعار الفائدة».
وأضافت: «لكن مجرد رفع أسعار الفائدة مرة أخرى لن يُحرك الين كثيراً. أعتقد أن بيسنت يطلب توضيحاً أكثر بشأن المدى الذي سيدفع فيه بنك دتكاليف الاقتراض في نهاية المطاف».
تعقيدات إدارة تاكايتشي
وتُفاقم تعليقات بيسنت من تعقيدات إدارة رئيسة الوزراء الجديدة ساناي تاكايتشي، المعروفة بتأييدها للسياسة المالية والنقدية التوسعية.
ورفض المتحدث باسم الحكومة اليابانية، مينورو كيهارا، التعليق على منشور بيسنت على موقع «إكس»، قائلاً في مؤتمر صحافي: «تقع الوسائل المحددة للسياسة النقدية ضمن اختصاص بنك اليابان». وأشار إلى أن الظروف الحالية مختلفة عن زمن «آبينوميكس»؛ حيث كان رئيس الوزراء السابق شينزو آبي يطبق سياساته التحفيزية المالية والنقدية لإخراج اليابان من الانكماش ومواجهة ارتفاع قيمة الين.
وتواجه الآن تحديات جديدة؛ فقد تجاوز التضخم الهدف المحدد، وتخلّى بنك اليابان عما تبقّى من سياسات «آبينوميكس» العام الماضي، مع رفع أسعار الفائدة مرتين حتى يناير (كانون الثاني). وأصبح ضعف الين مصدر قلق سياسي بسبب ارتفاع تكاليف الاستيراد والتضخم.
وقال شوتارو موري، كبير الاقتصاديين في بنك «إس بي آي شينسي»: «بيسنت مُحقٌّ في إشارته إلى أن الظروف الاقتصادية والأسعارية في اليابان قد تغيّرت بشكل كبير منذ تطبيق (آبينوميكس). يجب أن نكون مستعدين لاحتمال رفع أسعار الفائدة في ديسمبر (كانون الأول) أو يناير من العام المقبل».
أداء الاقتصاد في أكتوبر
وأشارت الحكومة اليابانية في تقرير شهري صدر يوم الأربعاء إلى أن الاقتصاد في أكتوبر (تشرين الأول) كان يتعافى بشكل معتدل بفضل الإنفاق الرأسمالي القوي.
وجدّد التقرير توقعاته المتفائلة بحذر، مؤكداً أن الاقتصاد، رابع أكبر اقتصاد في العالم، من المتوقع أن يتعافى تدريجياً بفضل تحسن ظروف العمل، لكنه حذّر من مخاطر التراجع نتيجة سياسات التجارة الأميركية.
وقال مكتب مجلس الوزراء: «على الرغم من أن تأثير سياسات التجارة الأميركية يؤثر بشكل رئيسي على صناعة السيارات، فإن الاقتصاد يتعافى بشكل معتدل». وأضاف التقرير أن الإنفاق الرأسمالي الياباني «يرتفع بشكل معتدل» بدعم من الاستثمار في البرمجيات والرقمنة، في حين أظهر الاستهلاك الخاص علامات على التعافي، رغم أنه لا يزال يتأخر عن نمو الاستثمار الرأسمالي والصادرات في ظل استمرار التضخم.
وأشارت البيانات إلى استقرار الصادرات تقريباً، مع ثبات الشحنات إلى آسيا، وتراجع الشحنات إلى الولايات المتحدة منذ يوليو (تموز) نتيجة زيادة الرسوم الجمركية، كما لوحظت زيادة حالات الإفلاس في سبتمبر (أيلول) بسبب نقص العمالة، مع ضرورة متابعة استمرار هذا الاتجاه.
«نيكي» عند مستوى قياسي
وارتفع مؤشر «نيكي» الياباني متجاوزاً مستوى 51.000 نقطة لأول مرة يوم الأربعاء، مدعوماً بتفاؤل المستثمرين بشأن استثمارات قطاع الذكاء الاصطناعي.
وسجّل مؤشر «نيكي 225» ارتفاعاً بنسبة 2.05 في المائة، ليصل إلى مستوى قياسي عند 51.249.82 نقطة، بعد أن تجاوز الحاجز النفسي الرئيسي عند 50.000 نقطة يوم الاثنين. أما مؤشر «توبكس» الأوسع نطاقاً فسجّل ارتفاعاً طفيفاً أقل من 0.1 في المائة، متأثراً بارتفاع الين على الأسهم غير التكنولوجية.
وارتفع سهم «أدفانتست»، المورد الرئيسي لمعدات اختبار الرقائق، بأكثر من 20 في المائة بعد رفع توقعات أرباحه السنوية نتيجة الطلب المتزايد، في حين صرح الخبير الاستراتيجي واتارو أكياما: «أسهم مثل (أدفانتست) ومجموعة (سوفت بنك) هي المحرك الرئيسي لسوق الأسهم».
وأغلقت مؤشرات الأسهم الأميركية الرئيسية عند مستويات قياسية بعد إعلان شركة «إنفيديا» تصنيع حواسيب فائقة الذكاء الاصطناعي لوزارة الطاقة الأميركية، وارتفع سهم «مايكروسوفت» بعد اتفاق مع «أوبن إيه آي»، مع منح «مايكروسوفت» حصة 27 في المائة في الشركة.
كما ارتفع سهم مجموعة «سوفت بنك» اليابانية بنسبة 2.1 في المائة، وكان ثاني أكبر مساهم في رفع مؤشر «نيكي»، في حين صعد سهم «ليزرتك» بنسبة 7.8 في المائة، فيما شهد مؤشر «نيكي» ارتفاع 65 سهماً مقابل انخفاض 160 سهماً، وكان سهم «نيديك» أكبر الخاسرين عبر خسارة 7.3 في المائة، تلاه سهم «شيفت» بنسبة 5.3 في المائة.