تشير التوقعات المبكرة لمفاوضات الأجور السنوية في اليابان للعام المقبل إلى جولة أخرى من زيادات قوية في الأجور رغم ضغوط الرسوم الجمركية الأميركية على الأرباح، مما يُعزز موقف بنك اليابان المركزي لرفع أسعار الفائدة أكثر.
مؤشرات زيادة الأجور تدعم بنك اليابان في رفع الفائدة
وتجدد الاهتمام بتوقعات الأجور بعد أن صرّح محافظ بنك اليابان المركزي، كازو أويدا، بأنه يريد «المزيد من البيانات» حول الزخم الأولي لمحادثات الأجور للعام المقبل، لا سيما إذا ما كانت الشركات المتضررة من الرسوم الجمركية الأميركية ستواصل رفع الأجور. وأوضحت النقابات العمالية بالفعل أنها ستطالب مجدداً بزيادات ضخمة في الأجور.
من شأن النمو المستدام للأجور أن يدعم الاستهلاك الخاص، مما يمنح بنك اليابان ثقةً في رفع أسعار الفائدة دون عرقلة الانتعاش الاقتصادي الياباني. ورغم الزيادات الكبيرة في السنوات الأخيرة، ظل نمو الأجور الحقيقية سلبياً، حيث ظل تضخم أسعار المستهلكين الأساسي أعلى من هدف بنك اليابان البالغ 2 في المائة. وتسعى نقابة رينغو، أكبر نقابة عمالية في اليابان، والتي تضم 7 ملايين عضو، إلى زيادات في الأجور بنسبة 5 في المائة، أو أكثر في عام 2026. وهذا ما طالبت به رينغو في عام 2025، مما أسفر عن أكبر زيادة في الأجور منذ 34 عاماً. كما صرح رئيس أكبر نقابة لشركات صناعة السيارات، وهي من بين الصناعات الأكثر تضرراً من الرسوم الجمركية الأميركية، لـ«رويترز» هذا الشهر، بأنه لا توجد لديها أي خطط لتقليص مطالبها المتعلقة بالأجور في محادثات العمل للعام المقبل رغم انخفاض الأرباح. وتبدأ مفاوضات الأجور السنوية في اليابان عادةً بصياغة النقابات لمطالبها في أواخر العام الختامي، تليها محادثات رسمية في أوائل العام التالي، مع الإعلان عن التسويات في مارس (آذار).
ومن المؤكد أن الشركات قد لا تستجيب لمطالب النقابات بشأن أجور عام 2026، إذ من المرجح أن تشتد وطأة الرسوم الأميركية المرتفعة على شحنات السلع اليابانية في الأشهر المقبلة، مما يُلقي بظلاله على آفاق الاقتصاد المعتمد على التصدير. لكن حتى الآن، لا يزال المصنعون صامدين، حيث أظهر استطلاع رأي أجرته «رويترز» هذا الشهر أن المعنويات بلغت أعلى مستوى لها في نحو أربع سنوات في نوفمبر (تشرين الثاني)، مدعومةً بضعف الين وقوة، الطلبيات. ومن المرجح أيضاً أن يُجبر ضيق سوق العمل الشركات على الالتزام بزيادات سخية في الأجور.
وقد أظهر استطلاع منفصل أجرته «رويترز» هذا الشهر أن 72 في المائة من المشاركين يعتزمون رفع الأجور العام المقبل بنفس معدل عام 2025 تقريباً. ويُعتبر نقص العمالة حاداً بشكل خاص في قطاع المطاعم. وأعلنت شركة «واتامي»، مُشغلة سلسلة مطاعم الوجبات السريعة، أنها ستُقدم زيادات لعدة سنوات بمعدل 7 في المائة سنوياً اعتباراً من عام 2026 لنحو 1200 موظف بدوام كامل في اليابان.
وقال يويتشي كوداما كبير الاقتصاديين في معهد ميجي ياسودا للأبحاث: «في الوقت الحالي، يبدو الزخم العام قوياً، مع استقرار أرباح الفترة من يوليو (تموز) إلى سبتمبر (أيلول) بشكل عام»، مضيفاً أن السؤال الأهم هو إذا ما كان متوسط زيادات الأجور سيتجاوز خط الـ5 في المائة. وأظهر استطلاع أجراه المركز الياباني للأبحاث الاقتصادية في نوفمبر أن الاقتصاديين يتوقعون أن يبلغ متوسط زيادات الأجور 4.88 في المائة العام المقبل. وهذا أعلى من نسبة 4.74 في المائة المقدرة في يناير (كانون الثاني) لمحادثات الأجور لهذا العام، والتي أسفرت عن زيادة بنسبة 5.52 في المائة.
وقال يوشيكي شينكي، كبير الاقتصاديين التنفيذيين في معهد داي-إيتشي لايف للأبحاث: «لدى الشركات مجال واسع لرفع الأجور»، مع بقاء الأرباح مرتفعة. ويتوقع زيادات بمعدل 5.2 في المائة في محادثات الأجور العام المقبل، وهي أبطأ من معدل هذا العام، لكنها ستتجاوز 5 في المائة لثلاث سنوات متتالية. وقد تواجه الشركات أيضاً ضغوطاً لرفع الأجور من الإدارة الجديدة لرئيسة الوزراء ساناي تاكايتشي، التي تعهدت ببناء اقتصاد قوي تتجاوز فيه مكاسب الأجور معدل التضخم.
وأفادت وسائل الإعلام المحلية أن أكبر جماعة ضغط أعمال في اليابان، كيدانرين، ستشدد على ضرورة الحفاظ على «زخم قوي للأجور» في المبادئ التوجيهية المقرر تقديمها في يناير للشركات الأعضاء لمحادثات الأجور العام المقبل. وأبلغ محافظ بنك اليابان، أويدا، البرلمان يوم الجمعة أن البنك المركزي لا يزال في خضم جمع البيانات، والمعلومات حول توقعات الأجور، بما في ذلك من فروعه في جميع أنحاء البلاد. وقال: «سيناقش بنك اليابان جدوى وتوقيت رفع أسعار الفائدة في الاجتماعات القادمة، مع دراسة متأنية لمختلف البيانات، والمعلومات».
وفي حين أن نتيجة مفاوضات الأجور في الشركات الكبرى لن تتضح حتى مارس، إلا أن بعض المسؤولين التنفيذيين قد يُلمحون إلى خططهم للأجور لعام 2026 في أقرب وقت ممكن من الشهر المقبل، وفقاً للمحللين. وقد يتضح المزيد من التفاصيل حول توقيت رفع أسعار الفائدة القادم لبنك اليابان في الأول من ديسمبر (كانون الأول)، عندما يتحدث أويدا مع مسؤولي الشركات في مدينة ناغويا بوسط اليابان، موطن شركة «تويوتا موتور كورب» العملاقة لصناعة السيارات.
وتتوقع أغلبية ضئيلة من الاقتصاديين الذين استطلعت «رويترز» آراءهم أن يرفع بنك اليابان أسعار الفائدة في ديسمبر، وهو ما يعززه انخفاض الين إلى أدنى مستوى له في عشرة أشهر مقابل الدولار.
https://shorturl.fm/cYwD4