الأوروبيون لأمريكا: علينا عدم المخاطرة بخوض حرب تجارية مدمرة

0

قالت أورسولا فون دير لاين رئيسة المفوضية الأوروبية “إنه يتعين على الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي الاستثمار معا في التكنولوجيا النظيفة، وعدم المخاطرة بحرب تجارية مدمرة”.

وذكرت فون دير لاين في خطاب ألقته في كلية أوروبا في بروج أمس، أنه في مواجهة تغير المناخ والمنافسة من الصين، فإن “لدى الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي مصلحة مشتركة واسعة للحفاظ على ريادتنا الصناعية”.

ووجهت أكبر مسؤولة في الاتحاد الأوروبي نداء إلى واشنطن مع تزايد المخاوف في أوروبا بشأن مشروع قانون واشنطن التاريخي الأخير بقيمة 700 مليار دولار المسمى “قانون خفض التضخم”.

وأضافت “يمكن أن يؤدي قانون خفض التضخم إلى منافسة غير عادلة، ويمكن أن يغلق الأسواق، ويمزق سلاسل التوريد الحرجة نفسها التي تمت تجربتها بالفعل بسبب كوفيد”، بحسب وكالة “بلومبيرج” للأنباء أمس.

وقالت فون دير لاين “إن الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة سيواصلان العمل معا لحل القضية”، لكنها حذرت من أن التكتل سيرد حسب الضرورة على برنامج واشنطن للتكنولوجيا النظيفة.

وأضافت أنه “يتعين على الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي الاستثمار معا في “قاعدتين صناعيتين للطاقة النظيفة على جانبي المحيط الأطلسي”، مشيرة إلى أنه يجب تخفيف قواعد الاستثمار العام الصارمة المعتادة في الاتحاد الأوروبي للقيام بذلك.

وقالت رئيسة المفوضية أيضا “إنه يجب على الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي أن يعملا معا بشكل أوثق لوضع معايير تنظيمية للسيارات الكهربائية، ويتعين على واشنطن وبروكسل التعاون بشكل أوثق للحصول على المواد الخام الحيوية وإنتاجها، والحد من مزايا الصين في هذا القطاع”.

وقالت “إن الاتحاد الأوروبي سيعدل قواعده للدعم الحكومي ليحول دون هجرة الاستثمار بفعل حزمة دعم أمريكية جديدة للطاقة الخضراء”.

وأضافت في كلمتها “المنافسة جيدة، لكن هذه المنافسة يجب أن تكون على ملعب مستو”، في إشارة إلى تكافؤ الفرص.

ومضت تقول “ينبغي أن يجعلنا قانون خفض التضخم الأمريكي نفكر في طريقة يمكننا بها تحسين أطر الدعم الحكومي لدينا والتوفيق بينها وبين بيئة عالمية جديدة”.

ويخشى الاتحاد المكون من 27 دولة أن يغري قانون خفض التضخم الأمريكي الذي تبلغ قيمته 430 مليار دولار ويتضمن امتيازات ضريبية سخية شركات الاتحاد الأوروبي ويعود بالسلب على الشركات الأوروبية من شركات صناعة السيارات إلى شركات التكنولوجيا الخضراء.

إلى ذلك، دعا تييري بروتون المفوض الأوروبي لشؤون السوق الداخلية إلى إنشاء “صندوق سيادي أوروبي لدعم المشاريع الصناعية” ومواجهة قانون خفض التضخم الأمريكي، الذي انتقده الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون خلال زيارته الأخيرة إلى الولايات المتحدة.

وأعرب الاتحاد الأوروبي عن قلقه منذ أشهر عدة حيال تداعيات خطة إينفلايشن ريداكشن آكت “قانون خفض التضخم” المخصصة للمناخ وتبلغ قيمتها 420 مليار دولار، وكان قد دفع الرئيس الأمريكي جو بايدن باتجاه إقرارها الصيف الماضي.

وأشار بروتون إلى شروط الدين المختلفة بحسب الدول، مؤكدا أنه “ينبغي على الأرجح التفكير في تمويل يبلغ نحو 2 في المائة من الناتج الإجمالي الداخلي للاتحاد الأوروبي، أي نحو 350 مليار يورو”.

ووفقا لـ”الفرنسية”، كانت هذه الخطة في صلب الزيارة الرسمية التي أجراها ماكرون إلى الضفة الأخرى من المحيط الأطلسي في الأيام الأخيرة.

حرب تجارية مدمرة

وتنص الخطة من بين أمور أخرى، على إصلاحات تعطي الأفضلية للشركات التي تتخذ من الولايات المتحدة مقرا، خصوصا في قطاع السيارات الكهربائية والبطاريات والتكنولوجيا والطاقات المتجددة وحتى الهيدروجين.

في مقابلة مع صحيفة “لو جورنال دو ديمانش”، عد بروتون – الذي سبق أن هدد مطلع تشرين الثاني (نوفمبر) باللجوء إلى منظمة التجارة العالمية في هذا الملف – الخطة “تؤدي إلى اختلالات في المنافسة على حساب شركات الاتحاد الأوروبي، وأكد أن “مجموعة عمل أنشئت مع ممثلين عن البيت الأبيض والمفوضية الأوروبية.

وأعرب ماكرون الجمعة عن رغبته في تسوية مسألة “الإعفاءات” التجارية التي يطلب الاتحاد الأوروبي من الولايات المتحدة إدراجها في خطتها بحلول الربع الأول من 2023، بعدما كان قد عد عشية زيارته البيت الأبيض بعض التدابير الأمريكية “شديدة العدائية”.

وقال بروتون في المقابلة، “بعد الانفتاح الذي حصل عليه الرئيس ماكرون من واشنطن، أنا واثق بأن جهود الاتحاد الأوروبي ستعطي ثمارها، في أسرع مما نتخيل، آمل ذلك، ربما في الأيام القليلة المقبلة”.

في المقابل، أشار المفوض إلى ضرورة أن تحسن أوروبا استقطابها للشركات ومنافستها في مجال “التكنولوجيا والقطاعات الاستراتيجية لنجاح انتقالها الأخضر” خصوصا إلى طاقة الرياح والطاقة الشمسية والشبكات الكهربائية عبر تكييف إطار تنظيمي “كبير جدا”.

في مواجهة أزمة الطاقة والمنافسة الأمريكية والسياسة الاقتصادية الصينية، حذر بروتون من أن يتسبب إنشاء الصندوق السيادي في نسيان الخطط الوطنية التي ينبغي تنسيقها.

وأبدى الرئيس الأمريكي، استعداده لتصحيح عيوب في القانون، دون أن يذكر بوضوح أي استثناءات أو تنازلات، وعد ماكرون “خطابه الصادق مع الرئيس بايدن قد أتى بثماره”.

وقال “كان من واجبي أن أقول هذا الخطاب باسم أوروبا، ليس فقط باسم فرنسا”، مشيرا إلى أن واشنطن لم تناقش القانون مع الاتحاد الأوروبي قبل سنه.

وأعرب عديد من الأصوات الأوروبية عن القلق بشأن تداعيات قانون خفض التضخم الأمريكي على الصناعة الأوروبية.

ودعت ألمانيا شركاءها الأوروبيين إلى عدم الدخول في منطق الحرب التجارية، بمعنى آخر يبدو أن برلين تعارض في الوقت الحالي إقرار خطة أوروبية موازية للخطة الأمريكية لدعم صناعييها، التي أيدتها فرنسا، وفقا لـ”الفرنسية”.

وأضاف مصدر دبلوماسي، “أولا علينا درس إمكانية التوصل إلى حل تفاوضي مع الولايات المتحدة”، وتابع “هذا يستلزم اتخاذ موقف أوروبي لمواجهة قانون خفض التضخم في أقرب فرصة أي في الأسابيع المقبلة”.

وأوضح “ليس لدينا مصلحة من الدخول في حرب تجارية مع الولايات المتحدة، لأنه سيترتب على ذلك عواقب سلبية للغاية على الاتحاد الأوروبي كما الولايات المتحدة، خصوصا في أوقات الأزمة الحالية”. وكانت برلين تخوفت حينها من فرض رسوم جمركية عقابية بنسبة 20 في المائة على السيارات الألمانية. وحذر جوزيف سيكيلا، وزير التجارة التشيكي من أن الصين قد تكون الفائز في سباق دعم محتمل بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي.

وقال سيكيلا “إن مثل هذه المنافسة ستكون لعبة خطيرة للغاية”، مضيفا في إشارة إلى الصين أن “الفائز في السباق قد يكون في قارة أخرى، ليس في أوروبا وليس في القارة الأمريكية”.

ويخشى الاتحاد الأوروبي – الذي يضم كثيرا من شركات السيارات الكبرى – من احتمال أن يتسبب ذلك في أن تتكبد شركاته خسائر.

وقال برونو لومير، وزير الاقتصاد الفرنسي في وقت سابق “إن قدرة أوروبا على البقاء في السباق التكنولوجي والصناعي للقرن الـ21 بين الصين والولايات المتحدة باتت في خطر”.

يشار إلى أن أسعار المستهلكين في منطقة اليورو تراجعت إلى 10 في المائة في تشرين الثاني (نوفمبر) مقابل 10.6 في المائة في أكتوبر.

ويعد ذلك التراجع الأول للتضخم منذ يونيو 2021، بفضل استقرار أسعار الغاز والنفط، لكنه لا يزال يثير القلق، وانعكاس الاتجاه غير مؤكد.

وكان التضخم يسجل في كل شهر منذ نوفمبر 2021 أعلى مستوى على الإطلاق، وتفاقم الوضع منذ الربيع مع بلبلة في الأسواق على خلفية الحرب في أوكرانيا. وجاء الانخفاض الذي سجل في نوفمبر أكبر مما قدره المحللون من “بلومبيرج” و”فاكتسيبت”، الذين توقعوا نسبة تضخم تبلغ 10.4 في المائة.

0
Would love your thoughts, please comment.x
()
x