السياسة النقدية اليابانية تترقب إشارات لرفع الفائدة

0

تتجه الأنظار في طوكيو، هذا الأسبوع، إلى اجتماع بالغ الأهمية يجمع محافظ بنك اليابان كازو أويدا مع وزيرة المالية ساتسوكي كاتاياما، ووزير الإنعاش الاقتصادي مينورو كيوتشي، في ظل تصاعد التكهنات بشأن مسار السياسة النقدية، وتراجع الين إلى مستويات هي الأدنى في تسعة أشهر، وتنامي توقعات بحزمة إنفاق حكومية ضخمة قد تتجاوز 20 تريليون ين.

السياسة النقدية اليابانية تترقب إشارات لرفع الفائدة

يأتي الاجتماع بعد لقاء مماثل، بين أويدا ورئيسة الوزراء ساناي تاكايتشي، ناقشا خلاله التطورات الاقتصادية، وتحركات أسعار الصرف، وسياسة الفائدة. ومن المتوقع أن تقدم كاتاياما إحاطة للصحافة في الساعة 6:30 مساءً بالتوقيت المحلي، في خطوة تشير إلى حساسية المرحلة التي يمر بها الاقتصاد اليابانية.

 تحذيرات سابقة

هذا النوع من الاجتماعات رفيعة المستوى ليس شائعاً، إذ كان آخِر لقاء مماثل، في أكتوبر (تشرين الأول) من العام الماضي، عندما حذَّر المسؤولون من «الانخفاضات المُفرطة» في قيمة الين، واتفقوا على مراقبة الأسواق من كثب. وشهد ذلك الاجتماع كذلك تأكيداً للتمسك بالبيان المشترك لعام 2013 بين الحكومة وبنك اليابانية، والذي ينص على التعاون الوثيق لتحقيق هدف التضخم عند 2 في المائة. والبيان السابق الذي وُقّع خلال عهد رئيس الوزراء اليابانية الراحل شينزو آبي، كان نتاج ضغوط سياسية على البنك المركزي للقيام بخطوات جريئة للخروج من الانكماش، ولا يزال ساري المفعول، رغم تغير الظروف الاقتصادية. لكن جزءاً من المحللين يرى أنه «عفا عليه الزمن»، ويمنح السياسيين غطاءً لتوسيع الإنفاق دون معالجة اختلالات الاقتصاد.

الين تحت الضغط

تجري هذه اللقاءات في وقتٍ تعرَّض فيه الين لضغوط غير مسبوقة، حيث سجل 155.49 مقابل الدولار، بعد تراجعٍ قاده القلق من توجه إدارة تاكايتشي نحو إنفاق مالي ضخم بدعم من أسعار فائدة منخفضة. وذكرت وكالة كيودو أن حزمة التحفيز المرتقبة قد تتجاوز 20 تريليون ين، تُموَّل بميزانية إضافية تبلغ نحو 17 تريليون ين. وترى الأسواق أن توسع الإنفاق سيؤجِّل أي توجه سريع لرفع أسعار الفائدة، ومن ثم يُعمق ضعف العملة. ويزيد هذا التعقيد من صعوبة مهمة بنك اليابانية ، الذي رفع الفائدة مرتين فقط منذ خروجه من برنامج التحفيز الهائل، العام الماضي، بينما يُبقيها حالياً مستقرة عند 0.5 في المائة. كان أويدا قد ألمح إلى استعداده لرفع الفائدة مجدداً إما في ديسمبر (كانون الأول) أو يناير (كانون الثاني) المقبلين، لكنه أكد، بعد لقائه تاكايتشي، أن الأخيرة «لم تطلب أي تغيير في السياسة النقدية»، ما عُدَّ إشارة إلى أن الحكومة لا ترغب في تعطيل خطوات البنك، ما دامت تدريجية ومخططاً لها بعناية. وبدا لافتاً إعلان أويدا موافقته على اقتراح من رئيسة الوزراء اليابانية بإجراء «تعديل فني» على البيان المشترك مع الحكومة. ورغم أن تفاصيل التعديل لم تُكشف بعد، فإن أي مراجعة لهذا البيان ستُشكل محطة محورية في علاقة البنك المركزي بالحكومة، وقد تُمهد لتغييرات في كيفية صياغة السياسات المالية والنقدية المتوازية. ومنذ 2013، كان البيان المشترك يضع على البنك المركزي مسؤولية بلوغ هدف التضخم «في أقرب وقت ممكن»، وهو ما استُخدم غطاء لتطبيق سياسة نقدية شديدة التيسير. لكن الواقع، اليوم، مختلف، حيث إن التضخم يتجاوز 2 في المائة منذ أكثر من ثلاث سنوات، في حين تُواجه الأُسر والشركات ضغوطاً ناتجة عن ارتفاع الأسعار وتراجع قوة الين.

 معادلة حساسة

وتجد الإدارة الجديدة لتاكايتشي نفسها في وضعٍ معقد، فهي تدعم سياسات مالية توسعية لتحفيز النمو وتشجيع الاستثمار، لكنها، في الوقت نفسه، تُعقِّد مهمة بنك اليابانية الذي يريد الابتعاد تدريجياً عن الفائدة المنخفضة دون أن يتسبب في اضطراب السوق. ويُحذر الاقتصاديون من أن الجمع بين ضعف الين وتوسّع الدَّين العام يضع الاقتصاد اليابانية في منطقة حساسة، خصوصاً إن أدت حزمة الإنفاق الجديدة إلى مزيد من الضغط على العملة، أو إلى تأخير رفع الفائدة. وبينما تترقب الأسواق تصريحات كاتاياما، يشير مراقبون إلى أن الاجتماع قد يحمل إشارات مهمة حول مستقبل السياسة النقدية، وما إذا كان بنك اليابان قادراً على المُضي في رفع الفائدة تدريجياً، رغم تيارات السياسة المالية التوسعية.

0
Would love your thoughts, please comment.x
()
x