الاقتصاد الألماني الباهت يواصل ركوده مع ضعف الطلب وارتفاع نسب الفائدة

0

توقع البنك المركزي الألماني “بوندسبنك” أمس، أن يواصل الاقتصاد الألماني الباهت ركوده في الفصل الثالث بسبب ضعف الطلب من الخارج وارتفاع نسب الفائدة، وهما عاملان يرخيان بثقليهما على القوة الاقتصادية الأولى في القارة.

وبعد تقديرات أولية أشارت إلى أن معدل النمو في الاقتصاد الألماني بلغ صفرا في الفصل الثاني من العام، فإن آفاق الفترة بين يوليو وسبتمبر ليست أفضل بكثير، على ما جاء في التقرير الشهري للبوندسبنك.

وقال البنك “إنه من المحتمل أن يبقى الناتج الاقتصادي الألماني دون تغيير إلى حد كبير في الفصل الثالث”، مشيرا إلى أن أكبر اقتصاد في أوروبا لا يزال باهتا ولا يزال يمر بفترة ضعف”، وفقا لـ”الفرنسية”.

وتضاف هذه التوقعات القاتمة إلى مخاوف من أن تضغط ألمانيا على الأداء الاقتصادي لمنطقة اليورو هذا العام ولا سيما بعد أن توقع صندوق النقد الدولي أن تكون الاقتصاد الرئيس الوحيد الذي سيتراجع في أوروبا في 2023.

وتراجع الاقتصاد الألماني في الفصلين السابقين ما يعد من الناحية التقنية ركودا اقتصاديا.
ومني القطاع الصناعي الألماني المهم، المعروف تقليديا بأنه محرك النمو الاقتصادي، بضربة بشكل خاص في الأشهر القليلة الماضية في وقت تراجعت فيه الصادرات بالتزامن مع تضخم مرتفع ونشاط عالمي خافت.

ورغم حلحلة أزمة سلاسل الإمداد “يبدو أن آفاق الإنتاج الصناعي ستبقى ضعيفة، فيما الطلب الخارجي شهد تراجعا أخيرا”، وفقا لتقرير البنك المركزي.

وبينما النشاط الاقتصادي في الولايات المتحدة، الشريك الاقتصادي الكبير، في “وضع جيد نسبيا” أشار البنك إلى أن انتعاش الصين في مرحلة ما بعد كوفيد “خسر الزخم بسرعة”.

كذلك فإن تكلفة الاقتراض المرتفعة نتيجة رفع البنك المركزي الأوروبي معدلات الفائدة بهدف خفض التضخم، ستستمر في الضغط على الاستثمار وقطاع البناء، وفق البوندسبنك.

وفي أنباء تبعث على التفاؤل، من المرجح أن يشكل استهلاك القطاع الخاص دعما للاقتصاد في الفصل الثالث بفضل استقرار الوظائف وارتفاع الأجور وتراجع التضخم.

وتباطأ التضخم السنوي الألماني ليسجل 6.2 في المائة في يوليو، لأسباب أهمها انخفاض أسعار الطاقة. غير أن ضغط الأجور سيبقي “لفترة أطول” على الأرجح التضخم فوق هدف البنك المركزي الأوروبي البالغ 2 في المائة، وفق التقرير.
وقال البنك في تقريره “إن نمو الوظائف سيبقى قويا على الأرجح بل وسيستمر حتى العام الجديد”. وتتوقع أكبر المعاهد الاقتصادية في ألمانيا أن ينكمش الاقتصاد بما بين 0.2 إلى 0.4 في المائة خلال 2023.

إلى ذلك، تراجعت أسعار المنتجين في ألمانيا بشكل حاد خلال يوليو الماضي إلى مستوى يضاهي فترة الأزمة المالية والعالمية الأخيرة.

وأعلن مكتب الإحصاء الاتحادي في مقره في مدينة فيسبادن أمس أن أسعار المنتجين للسلع التجارية تراجعت بنسبة 6 في المائة في يوليو الماضي على أساس سنوي.

وعزا المكتب الانخفاض الحاد أيضا إلى الارتفاع الكبير في الأسعار الذي تم تسجيله قبل عام جراء الحرب الروسية في أوكرانيا. وبحسب البيانات، فإن هذا أول تراجع يتم تسجيله منذ نوفمبر 2020 وأكبر انخفاض منذ أكتوبر 2009 إبان الأزمة المالية والاقتصادية. ومقارنة بيونيو السابق، انخفضت أسعار المنتجين بنسبة 1.1 في المائة في يوليو.

الاقتصاد الألماني

وتراجعت على وجه الخصوص أسعار الطاقة والسلع الوسيطة مثل المعادن والخشب في غضون عام. ولم يعد ارتفاع أسعار السلع الاستهلاكية والمعمرة قويا كما كان في الأشهر السابقة. وارتفعت أسعار السلع الاستهلاكية في يوليو بنسبة 8.1 في المائة على أساس سنوي، كما ارتفعت أسعار المنتجين للمواد الغذائية بنسبة 9.2 في المائة. وكانت السلع المعمرة أعلى بنسبة 5.8 في المائة خاصة فيما يتعلق بالأثاث والأجهزة المنزلية.

وتؤثر أسعار المنتجين في أسعار المستهلكين، التي يبني عليها البنك المركزي الأوروبي سياسته النقدية. وفي كل من ألمانيا ومنطقة اليورو كان التضخم أعلى بكثير من هدف البنك المركزي الأوروبي الرامي لأن يكون متوسط معدل التضخم 2 في المائة.
وبسبب التضخم المرتفع رفع البنك المركزي الأوروبي أسعار الفائدة الرئيسة تسع مرات على التوالي منذ يوليو 2022.

وفي وقت سابق، رفض كريستيان ليندنر وزير المالية الألماني، أمس الأول، ما يثار عن عزم بلاده اللجوء إلى تدابير ضريبية، كانت آخر مرة جرى استخدامها بعد الحرب العالمية الثانية لدعم الميزانية.

ونقلت وكالة “بلومبيرج” للأنباء عن زعيم الحزب الديمقراطي الحر المؤيد للسوق قوله، في اليوم المفتوح للحكومة في برلين، “إن الحديث عن إحياء سياسة أجبرت ملاك العقارات وآخرين لديهم أصول كبيرة على دفع ضريبة بنسبة 50 في المائة على أصولهم في صندوق يطلق عليه صندوق التكافؤ طوال 30 عاما هو أخبار كاذبة تماما”.

وكان الصندوق قدم تعويضات مالية للألمان الذين تضررت ممتلكاتهم أو تعرضوا لصعوبات شديدة نتيجة للحرب. وقال ليندنر، ردا على سؤال من الجمهور، “إن شيئا من هذا القبيل يتم نشره من دوائر حزب البديل من أجل ألمانيا”، في إشارة إلى الحزب اليميني المتطرف، الذي صعد إلى المركز الثاني في استطلاعات الرأي.

وقال “أستبعد تماما إصدار قانون بشأن المساواة في تحمل الأعباء، وبإمكان ألمانيا أن تصل إلى مستوى ما قبل الأزمة لدينها العام عند نحو 60 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي في غضون أعوام قليلة دون الحاجة إلى مثل هذه التدابير، على خلفية إدارة جيدة للميزانية وانتهاج سياسات لتعزيز نمو أسرع”.

ومازح الجمهور قائلا “إن ذلك سيحدث خلال فترة توليه الوزارة، على الرغم من أنني آخذ في الحسبان إعادة انتخابي”.

0
Would love your thoughts, please comment.x
()
x