وتتكشّف الوجوه
وتتكشّف الوجوه
بقلم
د يسري الشرقاوي
مستشار الاستثمار الدولي
ورئيس جمعية رجال الأعمال المصريين الأفارقة
تابعت مثل ملايين المتابعين في زمن سَهُل فيه التتبع ونقل دَبّة النمل ، ما حدث أمس في لقاء الرئيس الأمريكي ونائبه ورئيس أوكرانيا.. ” لقاء ساقط” ، واتصور ان المشهد لم يكن على المستوى السياسي والمهني والإحترافي بل اننا أصبحنا بما لايدع مجالاً للشك أمام نُسخ ممسوخة تُدير الكوكب وتَدْعي انها القوة الباطشة الغاشمة ، ويبدو اننا أمام عنوان جديد لفصل جديد من مرحلة من الفوضى السياسية هي مرحلة تتكشف فيها الوجوه وتزْكُم فيها الأُنوف من روائح تصرّفات غير محسوبة لا تعترف بأرواح الخلق ولا بحياتهم ولا بأحقيتهم في الحياة وكأن الانسانية العظيمة قد ماتت ودُفنت أمس في البيت الأبيض وتحللت وتعفنت وأخرجت ذاك المنظر العبثي وتناثرت روائح تلك الجثة إلى كل بقاع الأرض.
نعم ، ليلةُ بَكي فيها ” الرئيس الاكروني” وتعاطف معه الملايين رغم انه لا يستحق العطف بل يستحق الشفقة، بعيداً عن مشهد حبوب الشجاعة المتواضع في بعض الردود .. لكن تعالوا نقرأ المشهد بإختصار، لقد كان واضحُ للعيان غنيُ عن البيان بأن من أحضر عفْرِيتُ قادر علي صرّفهُ وإن تَعثّر الأمر فليس هناك مانع من القوة الكلامية المُفْرِطة “فضيحة على الهواء وتدني واستهزاء بالعفريت وشعبه الأحياء منهم والأموات ، ،، وهنا الطرح لماذا الإستغراب ولما لا ؟ طالما العفريت كان في الأصل “أراجوز مُهرجاً مشخصاتي” تم تجنيده وتأهيله وتوقيعه على العمالة مقابل ان يحكم دولة مستقلة ذات سيادة وفي موقع جغرافي حيوي وحساس وتم زراعته تحت جُدران ” موسكو” في عملية إعتقدوا فيها ان هذا العُنصر المزروع قادر بالدعم منهم و من ” الناتو” ومن البوب الأمريكي الخفى على زعزعة إستقرار وقَدْ مَضْجع “موسكو” .، في تصوري الشخصي ان الحسابات لهذه العملية لم تكن دقيقة والإخراج الأمريكي كان ركيكاً وان الشاهد في الأمر اذا أستعرضه وراجعه أحد المحللين لهذا الملف بدقة منذ بدايته مروراً بمراحله وزيارة الرئيس الأمريكي السابق لكييف والدعم المتواصل والإغداق المالي والعسكري الذي تجاوز “٤٠٠ مليار دولار” حتى لقاء امس فأنك ستصل إلى حقيقة دامغة وهي الإنتصار الكبير للجانب الروسي بقيادة رجل الإستخبارات المحنك فلاديمير بوتين، وخلفه المارد الصيني وان هناك هزيمة نكراء في العصر الحديث للجانب الأمريكي ، الذي منيَ بالعديد من الهزائم في العقود الاخيرة سواء في فيتنام او كوبا او أفغانستان او العراق واخيراً في أوكرانيا ، إلاّ ان الإعلام الأمريكي وهو إعلام الأيدولوجيات مازال يُرّسخ في أذهان العالم عبر كل أدواته الإعلامية بأن امريكا هي الباطش وهي القوة الغاشمة وهي القادرة على تدمير الكوكب لكن حقيقة الأمر ان هذا المشهد وإنفعال أمس يؤكدان هزيمة الجانب الأمريكي وهو يسعى على الهواء في مشهد غير مألوف بل هو تقليد جديد تنتهجه الدبلوماسية الرسمية الأمريكية ومراسم البيت الأبيض وأدوات الإستخبارات الأمريكية
” نظرية تحقيق الاهداف عبر الضغط الإعلامي المفاجئ ” وهي خطة ممنهجة ومستحدثة للنظام الأمريكي يحاول استخدامها وفرضها على زوار البيت الأبيض تارة لتحقيق مكاسب وتارة لإرسال رسائل وتارة لحفظ ماء الوجه في الهزائم وفي كل الحالات هي ظاهرة لا تُصنف الاّ كونها سقوط سياسي وسقطات مدوّية للهيبة وللهيمنة الأمريكية ، وتنقلنا إلى فصل آخر سيكون عبارة عن وصلات “ردّح” امام اعين الكاميرات لكل زوار البيت الذي بات أبيض الكونية أسود الحقيقة !!
المسلسل الفج الذي قام به الممثلون الثلاث أمس هو نهج ومنهجية لإثبات للشعب الأمريكي أننا سوف نعيد أموال أمريكا وأموال دافعوا الضرائب ،، بداية أمس كانت إعتراف رسمي بأن امريكا هي الداعمة للحروب و”صندوق الإنفاق المستدام ” على الدمار و أموال أمريكا هي وقود لنيران التناحر وليس مهماً أعداد القتلى او الأرامل او الجوعى أو المشردين !! هذا ” هو وجهكم الحقيقي الذي طالما حدثنا الكوكب عنه، والآن أنتم تنطقون الحقيقة بعد سنوات عديدة لحضارة الكذب الأمريكية ،، وقبل ان أغلق هذه النقطة دعوني أجلس في مقعد دافعوا الضرائب في بلادكم ، هل فوضوكم في انفاق كل هذه المبالغ من اجل الدمار ؟!!! في تصوري لا؟ أليس من حق الشعب الأوكراني أن ينعم بثرواته ذاتية والمعادن النادرة التي يمتلكها ام ان تغطية سقوطكم لابد ان تسدد فواتيرها شعوب أخرى ؟ !!!.. الآن تتكشف الوجوه ، بين العمالة والنصب والإحتيال والكذب والتضليل والإهانة وفقدان الهيبة السياسية جاء الجانب الامريكي وبين التركيز والانتصار والتفوق في حرب باردة جاء الجانب الروسي وبين الخيبة والذلة والمهانة والعمالة والضياع وإضاعة شعب وثرواته ومقدراته ودولة ذات سيادة جاء الاخ الذي باع نفسه وشرفه وبلده وسقط بين الكبار بلا ثمن غير مأسوف عليه .