صندوق النقد الدولي: دول الخليج تحقق تقدماً سريعاً نحو التحول الرقمي
يرى صندوق النقد الدولي أن دول مجلس التعاون الخليجي تحقق تقدماً سريعاً نحو التحول الرقمي بشكل عام، وهو «أمرٌ لا ينطبق على أجزاء أخرى من العالم»، ويشير إلى علاقة إيجابية وثيقة بين التقدم في مجال الرقمنة والنتائج الاقتصادية الكلية والمالية الأكثر إيجابية، بما في ذلك النمو الاقتصادي، وفعالية الحكومة، والشمول المالي، وقدرة القطاع الخاص على مواجهة الصدمات.
صندوق النقد الدولي: دول الخليج تحقق تقدماً سريعاً نحو التحول الرقمي
تبذل دول مجلس التعاون الخليجي جهوداً كبيرة في مختلف القطاعات، مدفوعة برؤى وطنية طموحة تهدف إلى تنويع الاقتصادات بعيداً عن النفط، وتحسين كفاءة الخدمات الحكومية، وتعزيز النمو الاقتصادي. وقد تضاعفت جهود التحول الرقمي في دول الخليج، خصوصاً بعد جائحة كوفيد، لا سيما في السعودية، حيث ارتفعت مساهمة الاقتصاد الرقمي في ناتجها المحلي الإجمالي بشكل كبير من 11.5 في المائة في عام 2018 إلى 14 في المائة في عام 2022.
يقول نائب رئيس قسم الشرق الأوسط وآسيا الوسطى في صندوق النقد الدولي، زين زيدان، إن المنطقة تمر بمرحلة تحول اقتصادي مثيرة للاهتمام للغاية، و«قطعت شوطاً كبيراً في مجال التحول الرقمي».
وجاءت تعليقاته خلال حلقة نقاش بالرياض نظمتها «Think» للأبحاث والاستشارات، التابعة لـ«المجموعة السعودية للأبحاث والإعلام» وأدارتها المديرة التنفيذية لـ«Think»، نداء المبارك، وذلك لعرض تقرير عمل صندوق النقد الدولي الصادر حديثاً تحت عنوان: «التحول الرقمي في اقتصادات دول مجلس التعاون الخليجي». وشارك في الحلقة الرئيس التنفيذي للتكنولوجيا في شركة «تكامل» القابضة، هيثم القضيب، متحدثاً عن البنية التحتية الرقمية ومنظومة التكنولوجيا المالية في المنطقة.
لقد حققت دول مجلس التعاون الخليجي تقدماً كبيراً في تطوير البنية التحتية الرقمية، وتحقيق نضج التحول الرقمي الحكومي على نحو يضاهي الاقتصادات المتقدمة، وتعزيز أنشطة التكنولوجيا المالية. فقد تمكنت، في المتوسط، من سدّ الفجوة مع الاقتصادات المتقدمة في الوصول الرقمي الشامل، لا سيما في البنية التحتية، والقدرة على تحمل التكاليف.
الرقمنة في السعودية
يشير تقرير الصندوق النقد الدولي إلى التقدم المحرز في السعودية التي تعتبر التحول الرقمي جزءاً أساسياً من خطتها لـ”رؤية 2030″، والتي تهدف إلى أن يساهم الاقتصاد الرقمي بنسبة 16 في المائة في الناتج المحلي الإجمالي بحلول عام 2025، وإلى الحصول على المركز الخامس في مؤشر تنمية الحكومة الإلكترونية للأمم المتحدة بحلول عام 2030:
- ارتفع تصنيف مؤشر نضج التكنولوجيا الحكومية في المملكة من أكثر بقليل من 0.7 إلى أقل بقليل من 1.0 بين عامي 2020 و2022، ما جعلها الأعلى بين دول مجلس التعاون الخليجي، تليها الإمارات، وقطر. ويبلغ متوسط المؤشر، الذي يقيس نضج الدول من حيث التحول الرقمي للحكومة، 0.85 على المستوى الإقليمي.
- شهدت المملكة العربية السعودية ارتفاعاً بنسبة 2.9 في المائة من حيث مساهمات الاقتصاد الرقمي بين عامي 2017 و2020. وخلال هذه الفترة، وفّر الاقتصاد الرقمي 73 مليار ريال (19.5 مليار دولار) من الناتج المحلي الإجمالي من خلال الاستفادة من البنية التحتية الرقمية.
- مكّنت شبكة الاتصالات المتقدمة المملكة من الانتقال بكفاءة إلى نموذج رقمي خلال الجائحة. وتمكن نحو 98 في المائة من الطلاب من الوصول إلى منصات التعليم الإلكتروني خلال الجائحة، وهي نسبة أعلى بكثير من المتوسط العالمي.
- ارتفعت مساهمة الاقتصاد الرقمي في الناتج المحلي الإجمالي للمملكة بشكل كبير من 11.5 في المائة في عام 2018 إلى 14 في المائة في عام 2022.
- تحتل المملكة مرتبة متقدمة عالمياً في مجال الاتصال الرقمي والبنية التحتية. وقد لوحظ أن 99 في المائة من السكان يتمتعون بإمكانية الوصول إلى الإنترنت بحلول عام 2023، بزيادة عن 68.5 في المائة في عام 2015.
- تحتل السعودية المرتبة الثانية في مؤشر تنمية تكنولوجيا المعلومات والاتصالات ضمن مجموعة العشرين، مما يدل على البنية التحتية الرقمية المتقدمة.
- تُعدّ المملكة من الدول الرائدة في تطوير التكنولوجيا المالية في دول مجلس التعاون الخليجي، مما يُظهر نمواً كبيراً في استثماراتها. فقد ارتفعت قيمة صفقات تمويل التكنولوجيا المالية المُنجزة بنحو 80 ضعفاً، من 19 مليون ريال (5 ملايين دولار) في عام 2019 إلى 1.508 مليار ريال (نحو 400 مليون دولار) في عام 2022.
- تشير التقديرات إلى أن استثمار المملكة في قطاع الأعمال المصرفية التجارية ساعد في التخفيف من انخفاض نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي (تعادل القوة الشرائية) بمقدار 0.54 نقطة مئوية في عام 2020.
- ارتفعت نسبة السكان الذين يستخدمون الإنترنت في المملكة العربية السعودية من 68.5 في المائة في عام 2015 إلى 99 في المائة في عام 2023.
- تتجلى العلاقة بين التحول الرقمي والمرونة الاقتصادية في كيفية أداء الشركات المتقدمة رقمياً في المملكة بشكل أفضل خلال فترات الركود الاقتصادي.
بين القطاعين العام والخاص
قدّم صندوق النقد الدولي توصياتٍ لتعزيز جهود الرقمنة في القطاعين العام والخاص في المنطقة. ففي القطاع الأول، على سبيل المثال، يجب تعزيز التفاعل الرقمي مع المواطنين، ورقمنة الأنظمة الحكومية الأساسية. كما يجب مراجعة وتحديث قوانين خصوصية البيانات، وإرشادات الأمن السيبراني، للحد من المخاطر، وتعزيز الثقة. ويجب وضع لوائح تُكمّل الصناعة الرقمية المتطورة بشكل موحد في جميع أنحاء المنطقة.
في القطاع المالي، ينبغي تعزيز فوائد المدفوعات الرقمية، والتجارة الإلكترونية، بالإضافة إلى التطورات التي يقودها القطاع في مجال التكنولوجيا المالية، والتي من شأنها تعزيز المنافسة. ولتوسيع نطاق الأسواق، يُوصى أيضاً بالتعاون، وتعزيز المدفوعات عبر الحدود.
أما بالنسبة لقطاع الشركات وسوق العمل، فقد أوصى صندوق النقد الدولي بضرورة أن تتعلم المؤسسات المالية الصغيرة ومتوسطة الحجم تبني التقنيات الجديدة، وتحديث مهاراتها باستمرار. كما نصح باستثماراتٍ مُستهدفة في البنية التحتية الرقمية، والصناعة، والابتكار.
بالإضافة إلى ذلك، ينبغي التركيز بشكل كبير في سوق العمل والشركات على التعليم والتدريب لتعزيز المهارات الرقمية، لا سيما بالنظر إلى التحولات المحتملة المتوقعة في سوق العمل نتيجةً للتطورات في مجال الذكاء الاصطناعي.
في الختام، رغم الإيجابيات التي تحققت، لا يزال أمام المنطقة بعض العمل للحاق بالركب في جوانب معينة، وفق الصندوق…